للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بَابُ غُسْلِ الْكَافِرِ إِذَا أَسْلَمَ

حديثُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

◼ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: ((بَعَثَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم خَيْلًا قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ] سَيِّدُ أَهْلِ الْيَمَامَةِ [١، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: ((مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟)). فَقَالَ: عِنْدِي خَيْرٌ يَا مُحَمَّدُ، إِنْ تَقْتُلْنِي تَقْتُلْ ذَا دَمٍ (١)، وَإِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، وَإِنْ كُنْتَ تُرِيدُ الْمَالَ فَسَلْ] تُعْطَ [٢ مِنْهُ مَا شِئْتَ، فَتُرِكَ حَتَّى كَانَ الغَدُ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: ((مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟)). قَالَ: مَا قُلْتُ لَكَ: إِنْ تُنْعِمْ تُنْعِمْ عَلَى شَاكِرٍ، فَتَرَكَهُ حَتَّى كَانَ بَعْدَ الْغَدِ. فَقَالَ: ((مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟)). فَقَالَ: عِنْدِي مَا قُلْتُ لَكَ، فَقَالَ: ((أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ (انْطَلِقُوا بِثُمَامَةَ) ١))، فَانْطَلَقَ (فَانْطَلَقُوا بِهِ) ٢ إَلَى نَجْلٍ (٢) (نَخْلٍ) ٣ قَرِيبٍ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، يَا مُحَمَّدُ، وَاللهِ مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ وَجْهٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ وَجْهِكَ، فَقَدْ أَصْبَحَ وَجْهُكَ أَحَبَّ الْوُجُوهِ إِلَيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ دِينٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ دِينِكَ، فَأَصْبَحَ دِينُكَ أَحَبَّ الدِّينِ إِلَيَّ، وَاللهِ مَا كَانَ مِنْ بَلَدٍ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْ بَلَدِكَ، فَأَصْبَحَ بَلَدُكَ أَحَبَّ الْبِلَادِ إِلَيَّ، وَإِنَّ خَيْلَكَ أَخَذَتْنِي وأنا أُرِيدُ الْعُمْرَةَ، فَمَاذَا تَرَى؟ فَبَشَّرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَمِرَ، فَلَمَّا قَدِمَ مَكَّةَ قَالَ لَهُ قَائِلٌ: صَبَوْتَ. قَالَ: لَا، وَلَكِنْ أَسْلَمْتُ مَعَ مُحَمَّدٍ


(١) كذا في المطبوع أيضًا من (سنن أبي داود) ولكن ذكر محققوه أن في عدة نسخ: «ذَا ذمٍّ» بالذال المعجمة. والذي يظهر لنا أنها تصحيف، قال القرطبي: ((قوله: ((إن تَقْتُلْ تَقْتُلْ ذَا دَمٍ))؛ هو بالدال المهملة؛ ويعني به: إنه ممن يستشفى بدمه؛ لأنه كبير في قومه، وقد سمعتُ من بعضِ النقلةِ أنه يقولها بالذال المعجمة، وفسَّره بالعيبِ، وليس بشيءٍ في المعنى، ولا صحيح في الرواية، وهو تصحيفٌ. ولو أراد به العيب لقال: ذامٍ، بألف، كما في المثل: لا يعدم الحسناء ذامًا، أي: عيبًا)) (المفهم ١/ ٢٨٧)، وقال النووي: ((ورواه بعضُهم في (سنن أبي داود) وغيره «ذَا ذِمٍّ» بالذال المعجمة وتشديد الميم أي: ذا ذمام وحرمة في قومه، ومَنْ إذا عقد ذمة وَفَّى بها، قال القاضي: هذه الرواية ضعيفة لأنها تقلب المعنى فإن من له حرمة لا يستوجب القتل. قلت: ويمكن تصحيحها على معنى التفسير الأول أي: تقتل رجلًا جليلًا يحتفل قاتله بقتله، بخلاف ما إذا قتل ضعيفًا مهينًا فإنه لا فضيلة في قتله ولا يدرك به قاتله ثأره)) (شرح مسلم ١٢/ ٨٨)، وانظر (التطريف في التصحيف للسيوطي ١/ ٥٦).
(٢) قال الحافظ ابن حجر: ((في أكثر الروايات بالخاء المعجمة، وفي النسخة المقروءة على أبي الوقت بالجيم، وصوبها بعضُهم وقال: والنجل الماء القليل النابع، وقيل: الجاري. قلت: ويؤيد الرواية الأولى أن لفظ ابن خزيمة في (صحيحه) في هذا الحديث: «فانطلق إلى حائط أبي طلحة»)) (فتح الباري ١/ ٥٥٦).