بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أنعم علينا بكتاب محفوظ؛ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، وأرسل معه رسوله الأمين بالهدى والوحي المبين، فتم دينه بكتاب حكِيم, وسنة نبي كريم.
قال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣]
[أهمية السنة]
لا يخْفَى على مسلم واعٍ أَهَمِّيَّةُ السُّنة في دينِ الله تعالى، فهي والقرآنُ؛ كالرُّوحِ والجسدِ .. إذا انفصلا مات .. وكالماءِ والشجرِ .. إذا افترقا هلك .. وكما أنه لا إيمان بلا قرآن .. فكذلك لا دين بلا سنّة.
وذلك لأمور منها:
[الأول: السنة وحيٌ من الله تعالى]
كما أن القرآن وحيٌ منَ الله تعالى، فكذلك السُّنة هي وحيٌ منَ الله تعالى إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم: ٣، ٤].
والوحي جزء من الدين، ولا غنى إذن لأحد عن سنة سيد المرسلين .. وهجرانها هجران للوحي والدين.
[الثاني: مهمة الرسل تبيين كتب الله، وتفصيل أحكام الدين]
بعث الله تعالى الرسل مع كتبه ليبينوا للناس ما أجمل في كتبه, ويفصلوا لهم ما أشكل عليهم من صحفه، ويبين لهم كيفية العبادات، وشروطها وأركانها وواجباتها.
قال الله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: ٤].
وقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل: ٤٤].
فدلت الآيات؛ دلالة جلية؛ أنه لا يتبين لنا الدين .. ولا تفسير كتاب رب العالمين، إلا أن نأخذ بسنة سيد المرسلين ..
إذ كيف نؤدي العبادات .. ، وكيف نصلي ونحج، ونتعلم شعائر الدين، .. إذا لم نأخذ بسنة سيد العباد - صلى الله عليه وسلم - لذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: في الصلاة «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» (١).
(١) صحيح البخاري (٦٣١).