للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يعني كما تقدَّمَ، قال: ولابنِ السَّكَنِ بالجيمِ، قال: ويحتملُ أن يكونَ من قولِهِ تعالى: {فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [الأعراف: ١٦٠]، أي: جَرَتْ واندفعَتْ. وهذه أيضًا روايةُ الأَصِيلي وأبي الوَقْتِ وابنِ عساكرَ. ووقعَ في روايةِ المُسْتَمْلي: (فَانْتَجَسْتُ) بنون ثم مثناة فوقانيةٍ ثم جيم، أي: اعتقدتُ نَفْسِي نجِسًا. ووُجِّهتِ الروايةُ التي أنكرها القَزَّازُ بأنها مأخوذةٌ من البَخْسِ، وهو: النقْصُ، أي: اعتَقَدَ نُقصانَ نَفْسِهِ بجنابتِهِ عن مجالسةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم. وثبَتَ في روايةِ التِّرْمِذيِّ مِثْلُ روايةِ ابنِ السَّكَنِ، وقال: معنى (فَانْبَجَسْتُ مِنْهُ): تنحَّيتُ عنه. ولم يثبُتْ لي من طريقِ الروايةِ غيرُ ما تقدَّمَ، وأَشبَهُها بالصوابِ الأُوْلى، ثم هذه" (فتح الباري ١/ ٣٩٠)، وانظر (مشارق الأنوار للقاضي عِيَاض ١/ ٧٨).

٢ - الجُنُبُ: الذي يجبُ عليه الغُسلُ بالجِماعِ، أو خروجِ المَنِيِّ. وأَجنَبَ يُجنِبُ إجْنَابًا، والاسمُ: الجَنابةُ، وهي في الأصلِ: البُعْدُ. (غريب الحديث لابن الأثير ١/ ٣٠٢).

[الفوائد]:

قال ابنُ رَجبٍ: "قوله: (انْخَنَسْتُ)، أي: تواريتُ، واختفيتُ منه، وتأخَّرتُ عنه، ومنه: {الْوَسْوَاسِ الخَنَّاسِ}، وهو الشيطانُ، إذا غَفَلَ العبدُ عن ذِكرِ اللهِ وَسْوَسَ له، فإذا ذَكرَ اللهَ خَنَسَ وتأخَّرَ. ومنه سُمِّيتِ النُّجومُ خُنَّسًا، قال تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ} [التكوير: ١٥]، وانخناسُها: رجوعُها وتواريها تحتَ ضوءِ الشمسِ، وقيلَ: اختفاؤُها بالنهارِ.

وفيه: دليلٌ على أن الجُنُبَ له أن يَذهبَ في حوائجِهِ، ويجالسَ أهلَ العلمِ والفضلِ وأنه ليس بنجِسٍ، وإذا لم يكنْ نجِسًا؛ ففضلاتُهُ الطاهرةُ باقيةٌ على طهارتها، كالدمعِ والعَرَقِ والرِّيقِ، وهذا كلُّهُ مجمَعٌ عليه بينَ العلماءِ، ولا