قلنا: وهذا هو الصوابُ؛ فقد رواه الفَسَوِيُّ -ومن طريقه البَيْهَقيُّ- عن أبي نُعَيمٍ الفَضْلِ بنِ دُكَيْنٍ، عن زَمْعةَ بنِ صالحٍ، عن سلَمةَ بنِ وَهْرام، عن عِكْرِمةَ، قال:((قال عبدُ اللهِ بنُ رَوَاحةَ ... )) فذكره.
وأبو نُعَيمٍ ثقةٌ ثبْتٌ؛ فروايتُهُ مقدَّمةٌ على روايةِ ابنِ عيَّاشٍ، وقد بيَّنَ لنا أن السندَ مُعَلٌّ بالانقطاعِ؛ لأن عِكْرِمةَ لم يدرِكِ ابنَ رَواحةَ؛ فقد ماتَ ابنُ رَواحةَ في حياةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم سنة (٨ هـ)، ووُلِدَ عِكْرِمةُ سنة (٢٥ هـ) تقريبًا؛ أي: بعد وفاةِ ابنِ رَواحةَ بسبعَ عشْرةَ سنةً.
قال ابنُ دَقِيقٍ:"عِكْرِمةُ عن عبد الله بنِ رَواحةَ، منقطِعٌ"(الإمام ٣/ ٧٣).
وعليه؛ ففي طريقِ أبي نُعَيمٍ ثلاثُ عللٍ:(سلَمةُ، وزَمْعةُ، والانقطاعُ).
وفي طريقِ ابنِ عيَّاشٍ أربعُ عللٍ:(سلمةُ، وزَمْعةُ، وابنُ عيَّاشٍ، والاختلافُ في وصلِهِ وانقطاعِهِ).
والمنقطِعُ هو الصوابُ؛ ولذا قال البَيْهَقيُّ عن الموصولِ:"وليس بالقويِّ"(الخلافيات ٣٢٤).
قال عبدُ الحَقِّ:"ولا يُروَى من وجهٍ صحيحٍ؛ لأنه منقطعٌ وضعيفٌ"(الأحكام الوسطى ١/ ٢٠٥).
وبهذا تعلم ما في قولِ الدَّارَقُطْنيِّ من نظرٍ؛ حيثُ قال -عَقِبَ روايةِ يحيى بنِ عثمانَ عنِ ابنِ عيَّاشٍ-: "إسنادُهُ صالحٌ".
وفي السندِ اختلافٌ آخَرُ على زَمْعةَ. انظر الشاهد التالي.
[تنبيه]: قد عزا المتَّقي الهندي في (كَنز العمال ٤٢٠١) هذا الحديثَ إلى الحاكمِ في (مستدركِهِ)، ولم نقفْ عليه بعد طُولِ البحثِ.