هذه هي طرقُ كتابِ عَمرِو بنِ حَزْمٍ المسنَدةُ، وكلُّها معلولةٌ، والصوابُ في هذا الحديثِ إرسالُه. هذا بشأن سندِ الكتابِ عامَّةً، أما بشأن الفقرةِ المذكورةِ في هذا البابِ، فلها شواهدُ أُخرَى صحَّحها بها الألبانيُّ في (الإرواء ١/ ١٥٨)، وهي صحيحةٌ دون هذه الشواهدِ؛ لأنها وإن كانتْ مرسَلةً فإنَّ هذا المرسَلَ وِجادَةٌ صحيحةٌ يجبُ العملُ بها على الراجحِ، وتفصيل ذلك فيما يأتي.
-[تنبيهات مهمة جدًّا]-
التنبيه الأول: ترجيحُ إرسال هذا الحديثِ لا يعني ضَعْفَه مطلقًا؛ لأنه وإن لم يثبُتْ مُسْنَدًا، فقد ثبَتَ عن طريقِ الوِجادةِ؛ فهذه الصحيفةُ التي قرأها الزُّهْري وُجِدَتْ عند آل عَمرِو بن حَزْم، وقد جَزَموا بأنها كتابُ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الذي كتبه لعَمرٍو، وهُمْ أهلُ صِدْقٍ، فهي وِجادةٌ صحيحةٌ يجبُ العملُ بها على الراجحِ؛ ولذا عَمِلَ بها الصحابةُ والتابعون، وتلقَّوْها بالقَبول:
فقد روَى عبدُ الرزاقِ في (المصنَّف ١٨٧٨٣) عن الثَّوْريِّ، عن يحيى بنِ سعيد، عن سعيد بنِ المُسَيِّبِ:((أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه جَعَلَ فِي الإِبْهَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ، وَفِي السَّبَّابَةِ عَشْرًا، وَفِي الوُسْطَى عَشْرًا، وَفِي البِنْصَرِ تِسْعًا، وَفِي الخِنْصَرِ سِتًّا، حَتَّى وَجَدْنَا كِتَابًا عِنْدَ آلِ حَزْمٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْأَصَابِعَ كُلَّهَا سَوَاءٌ، فَأَخَذَ بِهِ)).
ورواه النَّسائيُّ في (سننه ٧٢٢٢، ٤٨٩٠) من طريقِ عبدِ اللهِ بنِ نُمَيْر، عن يحيى بنِ سعيد، به.
وهذا إسنادٌ صحيحٌ على شرطِ مسلمٍ، وسعيدُ بنُ المُسَيِّبِ أحدُ العلماءِ