عملًا بالبراءَةِ الأصليةِ؛ وأما هذا الحديثُ فضعيفٌ جدًّا لا يحتجُّ به.
قال ابنُ المنذرِ:"اختلفَ أهل العلم في دخول الجنب المسجد؛ فكرهتْ طائفةٌ ذلك ورَخَّصَ بعضُهم أن يمرَّ في المسجد، فممن رَخَّصَ للجنب أن يَمرَّ فيه: ابن عباس، وابن مسعود، وابن المسيب، والحسن، وابن جبير، وقال جابر:((كَانَ أَحَدُنَا يَمُرُّ فِي المَسْجِدِ وَهُوَ جُنُبٌ)).
ورخَّصتْ طائفةٌ للجنبِ في دخولِ المسجدِ، وذهبتْ إلى أن تأويلَ قوله تعالى:{ولا جنبا إلا عابري سبيل}، مسافرين لا يجدون ماءً فيتيمَّموا، رُوي هذا القول عن علي، وابن عباس، ومجاهد، وابن جبير، والحسن بن مسلم بن يناق، وقتادة" (الأوسط ٢/ ٢٢٩ - ٢٣٠).
وقال في موضع آخر: "وكان أحمد بن حنبل يقول: (يجلس الجنب في المسجد، ويمر فيه إذا توضأ). وكذلك قال إسحاق.
واحتجَّ بعضُ المرخِّصين للجنب في دخول المسجد والمقام فيه بحديث حذيفة، أن النبي صلى الله عليه وسلم لقيه فأهوى إليه، فقال: إني جنب، فقال:((إِنَّ المُسْلِمَ لَيْسَ بِنَجَسٍ)) (١).
وإذا كان المسلم ليس بنجس فهو طاهر كحالته قبل أن يجنب، غير أنه مأمور بالاغتسال عبادة تعبد الله بها عباده، وكما أَمَرَ مَن خرج مِن دُبره ريحٌ أن يغسل أعضاء الوضوء، وهو قبل أن يغسل أعضاء الوضوء طاهر الأعضاء، غير أنه متعبد بالطهارة كما تعبد الجنب بالاغتسال، وإذا قال من خالف هذا
(١) حديث حذيفة عند مسلم بلفظ: ((إِنَّ المُسْلِمَ لَا يَنْجُسُ))، وكذا في الصحيحين بنفس اللفظ من حديث أبي هريرة، وقد تقدما - قريبًا - في: "باب المُسْلِمِ لَا يَنْجُسُ وَإِنْ أَجْنَبَ".