حسنًا، وأن التفرُّد ليس بعلةٍ؛ فإن العُمَريَّ لم يتفرَّد بأصل القصة؛ وهي معروفة في (الصحيحين) وغيرِهما من حديث أمِّ سلَمةَ.
وقد تعقَّبه الألبانيُّ -موافقًا لِما ذهَبَ إليه الشَّوْكانيُّ-؛ فقال:"ونحن نَرى أن الحقَّ ما ذهبَ إليه الشَّوْكانيُّ؛ لِمَا عرفت مِن حال العُمَري في سوءِ الحفظِ، والشَّوْكانيُّ رحمه الله لَمَّا كان يرى ذلك، ورأى أنه انفرد بالحديث -يعني: بتمامه-؛ جعل ذلك علةً أخرى؛ بمعنى: أنه لو تُوبِع فيه -ولو مِن مِثْلِه في الحفظ- لكان ربما حَكَمَ على الحديثِ بالحُسن أو الصحة، فلما تفرَّد به؛ جعله علةً أخرى، وهو لا يريد بذلك أن التفرُّد -مطلقًا- علةٌ؛ بل أرادَ ذلك مِن مِثْلِ العُمَري في ضعفِ ما حفظه؛ ولذلك فلا يَرِدُ عليه كلام الشيخ، وأما الانفرادُ وحدَه؛ فليس بعلة، وقولُه هذا حقٌّ؛ لكن ليس على إطلاقه، كما عرفتَ! ، وأما عطْفُه على ذلك أن العُمَري لم يتفرَّدْ بأصلِ القصةِ! ! فهو مِن الحجة للشوكانيِّ على الشيخ؛ لأن الرواياتِ المذكورةَ ليس في شيء منها ما في رواية العُمَري هذه؛ مِن السؤال عن الرجُل يجد البَلَل ولا يذكر احتلامًا؛ وقد أشارَ التِّرْمِذيُّ في كلامِهِ السابق إلى أنه تفرَّدَ بهذا القَدْرِ مِنَ الحديثِ؛ فهذا التفرُّد -مع ثبوتِ سوءِ حِفْظِه- مما يَزيدُ وهَنَ الحديثِ ويُضَعِّفه، كما هو واضح، والحمد لله"(صحيح أبي داود ١/ ٤٣١).
قلنا: وقد تُوبِع عليه العُمَريُّ مِن وجهٍ آخَرَ، لكنه ضعيفٌ أيضًا:
فرواه الطَّبَرانيُّ في (الأوسط ٨٩٦٦)، قال: حدثنا مِقْدَام، ثنا أبو الأَسْود، ثنا ابنُ لَهِيعةَ، عن أبي الأَسْودِ، عن عُروةَ والقاسمِ بنِ محمدٍ، عن عائشةَ، بنحوه.
ثم قال الطَّبَرانيُّ: "لم يَروِ هذا الحديثَ عن القاسمِ بنِ محمدٍ إلا عُبَيدُ اللهِ