هذه المتابعة مما تلقنه، لاسيما والحديث غير مشهور عنه أصلًا، فضلًا عن كونه لا يعرف عند الأئمة سوى من حديث العمري، وبه ضعفوه.
ولكن ما هذا نقول:
معنى الحديث صحيحٌ؛ فله شواهدُ، منها: ما سبقَ في (الصحيحين) من حديثِ أمِّ سلَمةَ وغيرِها: أن الغُسلَ على المحتلمَ إنما يجبُ برؤيةِ الماءِ.
ومنها: حديثُ خَوْلَةَ بنتِ حَكيمٍ، وبه حسَّنَ الألبانيُّ شطرَه الأوَّل، كما في (صحيح أبي داود ١/ ٤٣٢)، وقد سبقَ الكلامُ على حديثِها. وهذان شاهدان لأولِ الحديثِ.
ولذا قال النَّوَويُّ:"حديثُ عائشةَ هذا مشهورٌ ... لكنه من روايةِ عبدِ اللهِ بنِ عُمرَ العُمَريِّ، وهو ضعيفٌ عند أهلِ العلمِ، لا يُحتجُّ بروايته. ويُغْني عنه حديثُ أمِّ سُلَيمٍ المتقدِّمُ؛ فإنه يدلُّ على جميعِ ما يدلُّ عليه هذا ... ونقَل ابنُ المُنْذِر الإجماعَ على أنه إذا رأى في منامه أنه احتلم أو جامَع ولم يَجِدْ بَلَلًا؛ فلا غُسْل عليه. والله أعلم"(المجموع ٢/ ١٤٢).
ويَشهَد لقوله ((النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ)): ما رواه أحمدُ، عن أبي المُغِيرة، عن الأَوْزاعيِّ، عن إسحاقَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ أبي طَلْحةَ، عن جدَّتِه أمِّ سُلَيم. وقد سبقَ، وذكَرْنا أن فيه انقطاعًا بين إسحاقَ وجدَّتِه.
وقد رواه محمدُ بنُ كثيرٍ المِصِّيصِيُّ، عن الأَوْزاعيِّ، عن إسحاقَ، عن أنسٍ: أن أمَّ سُلَيم ... فذكره بنحوه.
والمِصِّيصِيُّ هذا كثيرُ الغلطِ، وروايةُ أبي المُغيرةِ أصحُّ. ولم يتنبَّه ابنُ القَطَّان لهذا -ومِن قَبْلِه عبدُ الحقِّ-، فصحَّحَا حديثَه هذا، انظر (الأحكام الوسطى ١/ ١٩٢)، و (بيان الوهم والإيهام ٥/ ٢٧٠، ٢٧١).