"وقد يُحْمَلُ مرادُ البخاريِّ رحمه الله على وجهٍ صحيحٍ: وهو أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم إنما أمرَ عائشةَ بنقض شعرها وامتشاطها عند الغسلِ للإحرامِ؛ لأن غُسْلَ الإحرامِ لا يتكررُ، فلا يَشُقُّ نقض الشعر فيه، وغسل الحيض والنفاس يوجد فيه هذا المعنى، بخلاف غسل الجنابة، فإنه يتكرر فيشق النقض فيه، فلذلك لم يُؤمرْ فيه بنقضِ الشعرِ"(فتح الباري لابن رجب ١/ ٤٧٥، ٤٧٧).
ويمكنُ أن يقالَ: إن الحائضَ لا يُجْزِؤُهَا غُسلٌ -أيُّ غسلٍ كان- إلا إذا نقضتْ شعرها؛ لذلك أَمَرَهَا النبيُّ صلى الله عليه وسلم بذلك، فمن بابِ أَوْلى أن يكونَ ذلك في غسلها منَ المحيضِ، والله أعلم. وبهذا يكون لهذا الإمام -البخاري- من عُمْقِ الفهم وقوة النظر ما لا يعلمه إلا الله، ومن الصعوبة بمكان أن يُسَارع إلى تخطئته.