آنذاك بمكة لم تهاجر، وإنما قدم بها العباس إلى المدينة بعد فتح مكة (١).
وأجاب عن ذلك الحافظ ابن حجر، بجواز أن تكون أم الفضل قدمت المدينة إذ ذاك لحاجة زيارة أو غيرها (موافقة الخبر الخبر ١/ ٤٠١).
قلنا: ولا يخفى ما في هذا الجواب من تكلف وبُعْدٌ، حيث إِنَّ ظاهر الحديث أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن رؤيتها وفاطمة لم تلد بعد، فلم ولدت دفعه إليها، حتى ترضعه، وسيأتي في بعض الروايات أنها أتت به النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتحرك، وهذا كله يحتاج لمدة كبيرة قد تصل إلى سنتين، وهذا يتنافى مع مجرد زيارة.
ثم إنها لو تمكنت من السفر للمدينة وقتئذ ما جاز لها الرجوع إلى مكة وهي إذ ذاك دار كفر، وقد صحَّ عن ابنها (عبد الله بن عباس) أنه قال: ((كُنْتُ أَنَا وَأُمِّي مِنَ المُسْتَضْعَفِينَ)). أخرجه البخاري (٤٥٨٧، و ١٣٥٧). وفي رواية عند البخاري (٤٥٩٧) عن ابن عباس رضي الله عنهما: {إِلَّا المستضعفين} قال: ((كَانَت أُمي ممن عَذَرَ اللهُ)).
قال السندي:((ثم اعلم أن هذا الحديث لا يخلو عن إشكال من جهة تاريخ ولادة الحسن والحسين رضي الله عنهما، وتاريخ هجرة العباس، إلَّا أن تكون هجرة أم الفضل قبل هجرة العباس، وحديث ابن عباس: ((أَنَا وَأُمِّي كُنَّا مِنَ المُسْتَضْعَفِينَ))، يأبى ذلك، والله أعلم)) (حاشية مسند أحمد ط الرسالة ٤٤/ ٤٥٠).
الثاني:
أن هذا الحديث مشهور مستفيض عن سماك بن حرب - مع اضطرابه في