ومعاذ بن جبل، وابن عمر، وأبي أمامة وغيرهم، إلا أن في أسانيدِها ضعفًا، وفي حديث رافع: التصريحُ بنسخِ الرخصةِ أيضًا.
أعلم؛ أن هذا الضعفَ إنما هو في الطرقِ التي وصلتْ إلينا منها هذه الأخبار، فأما المجمع الذي جمع عمر فيه المهاجرين والأنصار، ورجع فيه أعيان مَن كان سمعَ منَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الرخصةَ، فإنهم لم يرجعوا إلا لأَمْرٍ ظهرَ لهم في ذلك الجمع وبعده، وعلموه وتيقنوه، وإن كانت تفاصيله لم تنقل إلينا، واستقرَ من حينئذٍ العمل على (الغسل من التقاء الختانين)، ولم يصحَّ عن أحدٍ من الصحابةِ بعد ذلك إظهار الفُتْيَا بخلافه، فوجبَ اتباع سبيل المؤمنين، والأخذ بما جمع عليه الأمةَ أميرُ المؤمنينَ، والرجوع إلى مَنْ رجعت إليه الصحابة في العلم بهذه المسألة؛ وهي أم المؤمنين.
والمخالف يُشَغِّبُ بذكر الأحاديث التي رجع عنها رواتها، ويقول: هي صحيحةُ الأسانيدِ، وربما يقول: هي أصحُّ إسنادًا من الأحاديث المخالفة لها. ومن هنا: كره طوائفُ من العلماءِ ذكر مثل هذه الأحاديث والتحديث بها؛ لأنها تورثُ الشبهةَ في نفوسِ كثيرٍ من الناسِ" (فتح الباري ١/ ٣٨٧ - ٣٨٨).