ورواه أحمدُ في (مسنده) عن أبي النضر، وحجاج بن محمد، جميعًا: عن ابن أبي ذئب كذلك. وقال أبو داود الطيالسي في (مسنده): عن ابن أبي ذئب، عن سعيد، عن أبيه، عن عبيد الله بنُ عَدِيٍّ بن الخيار، عن سلمان، وهذه روايةٌ شاذَّةٌ؛ لأن الجماعةَ خالفوه، ولأن الحديثَ محفوظٌ لعبد الله بن وديعة، لا لعُبيدِ اللهِ بنِ عَدِيٍّ.
وأما ابنُ عجلانَ فلا يقارب ابن أبي ذئب في الحفظ، ولا تُعلل رواية ابن أبي ذئب -مع إتقانه في الحفظ- برواية ابن عجلان مع سوء حفظه، ولو كان ابنُ عجلانَ حافظًا لأمكنَ أن يكون ابنُ وديعةَ سمعه من سلمان، ومن أبي ذر، فحدًّثَ به مرةً عن هذا، ومرةً عن هذا.
وقدِ اختارَ ابنُ خُزيمةَ في (صحيحه) هذا الجمعَ، وأخرجَ الطريقين معًا: طريق ابن أبي ذئب من مسند سلمان، وطريق ابن عجلان من مسند أبي ذر رضي الله عنهما.
وأما أبو معشر: فضعيفٌ لا معنى للتعليل بروايته.
وأما رواية عبيد الله بن عمر: فهو منَ الحفاظِ إلا أنه اختُلفَ عليه كما ترى، فرواية الدراوردي لا تنافي رواية ابن أبي ذئب؛ لأنها قصرت عنها، فدلَّ على أنه لم يضبطْ إسناده فأرسله.
ورواية عبد الله بن رجاء إن كانت محفوظةً؛ فقد سلك الجادة في أحاديث المقبري، فقال: عن أبي هريرة، فيجوزُ أن يكون للمقبريِّ فيه إسنادٌ آخرُ، وقد وجدتُه في (صحيح ابن خُزيمةَ) من رواية صالح بن كيسان، عن سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة.
وإذا تقرَّرَ ذلك عُرِفَ أن الروايةَ التي صَحَّحَهُا البخاريُّ أتقن الروايات، والله