وقدِ ادَّعى قومٌ نسخه بقولِهِ عليه الصلاة والسلام: ((مَنْ تَوَضَّأَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ، وَمَنِ اغْتَسَلَ فَالغُسْلُ أَفْضَلُ)) وفي هذا ضعف؛ لأن الحديثَ الأول أقوى)) (إخبار أهل الرسوخ صـ ٣٧).
وقال أيضًا: ((وأحاديثُ الوجوبِ أصحُّ)) (التحقيق ١/ ٢٣٠).
قال العراقيُّ: ((وقد صحَّ سماعُهُ منه لغيرِ حديثِ العقيقةِ، ولكنْ هذا الحديثُ لم يَثْبُتْ سَمَاعُهُ منه؛ لأنه رواه عنه بالعنعنةِ في سائِرِ الطرقِ، ولا يحتجُّ به لكونه يُدَلِّسُ)) (قوت المغتذي على جامع الترمذي ١/ ٢١٦).
وقال ابنُ حجرٍ: ((ولهذا الحديثِ طُرُقٌ، أشهرُهَا وأقوَاهَا روايةُ الحسنِ عن سَمُرةَ، أخرجها أصحابُ السننِ الثلاثةِ، وابنُ خزيمةَ، وابنُ حبانَ، وله علتان:
إحداهما: أنه من عنعنةِ الحسنِ.
والأُخرى: أنه اختُلِفَ عليه فيه)) (الفتح ٢/ ٣٦٢).
قلنا: الراجحُ من وجوهِ الخلافِ على الحسنِ، هو الحسنُ عن سَمُرةَ، كما سيأتي بيانُه.
وعليه فلا يُسلَّمُ لابنِ حجرٍ التعليلُ بالاختلافِ على الحسنِ.
وقال الشوكانيُّ: ((فيه مقالٌ مشهورٌ؛ وهو عدمُ سَماعِ الحسنِ من سَمُرةَ)) (الدراري المضية ١/ ٥٩).
وقال أيضًا: ((قد أُعِلَّ بما وقعَ من الخلافِ في سماعِ الحسنِ من سَمُرةَ، ولكنه قد حسَّنَهُ الترمذيُّ)) (السيل الجرار صـ ٧٤).
وأما الترمذيُّ فيرى سماعَ الحسنِ من سمرةَ مطلقًا -تبعًا لابنِ المدينيِّ، والبخاريِّ-، ولذا قال -عقبَ الحديثِ-: ((حديثُ سمرةَ حديثٌ حسنٌ صحيحٌ، قد روى بعضُ أصحابِ قتادةَ هذا الحديثَ، عن قتادةَ، عن الحسنِ، عن سَمُرةَ. ورواه بعضُهُم عن قتادةَ، عن الحسنِ، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مرسلٌ (١))).
وقال في (العلل): ((سألتُ محمدًا عن هذا الحديثِ فقال: روى همامٌ عن قتادةَ، عنِ الحسنِ، عن سمرةَ بنِ جُندبٍ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم. وروى سعيدُ بنُ أَبي عَرُوبةَ
(١) كذا في المطبوع، ونبَّه الشيخُ أحمد شاكر رحمه الله إلى اختلاف النسخ؛ ففي بعضها: (مرسلٌ)، وبعضها: (مرسلًا).