وقد قال ابنُ كَثَيرٍ:((هو من رواية عبد الرحمن بن أبي الزناد، وقد اختُلِفَ فيه)) (إرشاد الفقيه ١/ ٧٠).
ومع ما ذكر من الضعف في إسناد هذا الحديث فقد حسَّنه الألبانيُّ في (إرواء الغليل ١/ ١٧٨ - ١٧٩).
قلنا: وهو مُتَعَقَّبٌ بما ذكرنا من ضعفِ إسنادِهِ؛ وقد استغربَ أبو بكر ابنُ العربي ما رواه الترمذيُّ في (السنن) فقال: ((غريبٌ))، وكذا استغربَ كلَّ ما وَرَدَ من فعلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأنه اغتسلَ للإحرامِ فقال:((أما غُسْلُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم للإحرامِ فغَريبٌ، وأما أَمْرُهُ به لغيرِهِ فصحيحٌ؛ من أوكد أمره عليه السلام لأسماءَ بنتِ عُمَيسٍ حين ولدتْ الخليفةَ محمد بن أبى بكر ... )) (عارضة الأحوذي ٤/ ٤٧).
[تنبيه]:
قال ابنُ الأثير في (جامع الأصول ٣/ ٤٣) عقب رواية الترمذي لهذا الحديث: ((وذكر رزين رواية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اغْتَسَلَ لإحرامِهِ، ولطوافِهِ بالبيتِ، ولوقوفِهِ بعرفةَ)).
قلنا: يعني رزين بن معاوية في كتابه (تجريد الصحاح الستة)(١)، ولم نقفْ على أَحدٍ ذكرَ هذا الحديثَ بهذه الزيادةِ أو بهذا التمامِ إلا رزين بن معاوية في كتابه المذكور.
ولرزين مثل هذا كثير في كتابه، يذكر روايات وزيادات للأحاديث لا نجد لها أصلًا عند غيره.
ولذا قال الشوكانيُّ -عقب هذا الحديث وذكره من طريق رزين-: ((وهذه الأحاديث التي ذكرها لا يُعرف أصلها، ولا مَن خرَّجها، فلا عمل عليها ولا تقوم بها الحجة)) (السيل الجرار صـ ٧٥).
وقال في (الفوائد المجموعة صـ ٤٩ - ٥٠): ((ومما أوجبَ طولَ الكلامِ عليها، وقوعُها في كتابِ رزين بنِ معاويةَ العبدريِّ، ولقد أدخلَ في كتابِهِ الذي جمع فيه بين دواوين الإسلام بلايا وموضوعات لا تُعرف، ولا يُدرى مِن أين جاءَ بها، وذلك خِيَانَةٌ للمسلمين، وقد أخطأَ ابنُ الأثيرِ خطأً بَيِّنًا بذكرِ ما زَادَهُ رزين في (جامع الأصول) ولم يُنَبِّهْ على عدم صحته في نفسه إلَّا نادرًا)).
(١) قال ابن الأثير: ((أبو الحسن رزين بن معاوية العبدري السرقسطي، فجمع بين كتب البخاري ومسلم و (الموطأ) لمالك، و (جامع أبي عيسى الترمذي)، و (سنن أبي داود السجستاني)، و (سنن أبي عبد الرحمن النسائي) رحمة الله عليهم، ورتب كتابه على الأبواب دون المسانيد)) (جامع الأصول ١/ ٤٨).