للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منها شيءٌ)) (التوضيح لشرح الجامع الصحيح ٢٦/ ٥٤٨).

وقد سبقه إلى نحو هذا ابنُ بطال في (شرح صحيح البخارى ٥/ ٤٥١)، والعينيُّ في (عمدة القاري ٢١/ ١٣٨). وكذا نقل ابنُ حزمٍ الإجماعَ على أن السَّمْنَ المائعَ إذا ماتتْ فيه فأرةٌ لا يُؤكل. (مراتب الإجماع صـ ١٥١).

وقد تعقَّبه شيخُ الإسلام ابنُ تيمية؛ فقال: ((هذا فيه نِزَاعٌ معروفٌ، فمذهب طائفة أنه يُلقى وما قَرُبَ منها ويُؤكَلُ، سواء كان جامدًا أو مائعًا)) (نقد مراتب الإجماع صـ ٢٩٩).

وقد انتصر شيخ الإسلام ابن تيمية لقول من يقول: بأن المائع حكمه حكم الجامد، فقال: ((والسمن بالحجاز يكون ذائبًا أكثر مما يكون جامدًا؛ بل قيل: إنه لا يكون بالحجاز جامدًا بحال. فإطلاق النبي صلى الله عليه وسلم الجواب من غير تفصيل يوجب العموم إذِ السُّؤال كالمعاد في الجواب، فكأنه قال: إذا وقعت الفأرة في السمن فألقوها وما حولها وكلوا سمنكم، وترك الاستفصال في حكاية الحال مع قيام الاحتمال يَتَنَزَّلُ منزلةَ العموم في المقال.

هذا إذا كان السمن بالحجاز يكون جامدًا ويكون ذائبًا، فأما إن كان وجود الجامد نادرًا أو معدومًا كان الحديث نصًّا في أن السمن الذائب إذا وقعت فيه الفأرة فإنها تُلقى وما حولها ويُؤكل. وبذلك أجاب الزُّهري؛ فإن مذهبَهُ أن الماء لا ينجس قليله ولا كثيره إلَّا بِالتَّغَيُّرِ، وقد ذَكَرَ البخاريُّ في أوائل (الصحيح): التسويةَ بيْن الماء والمائعات. وقد بسطنا الكلام في هذه المسألة ودلائلها وكلام العلماء فيها في غير هذا الموضع. كيف وفي تنجيس مثل ذلك وتحريمه من فساد الأطعمة العظيمة وإتلاف الأموالِ