قلنا: والروايةُ المرسلةُ أخرجها ابنُ أبي شيبةَ في (المصنَّف ١٧١٩): عن ابنِ عُلَيَّةَ، عن عوفٍ، عن أبي عثمانَ النهديِّ، قال: بلغني أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم ... فذكره.
وابنُ عُلَيَّةَ إمامٌ بصريٌّ مقدمٌ في حديثِ البصريين على غيره، ولم يكن أحدٌ أثبتُ في الحديثِ منه كما قال عليُّ بنُ المدينيِّ. وعوفُ بنُ أبي جميلةَ الأعرابيُّ بصريٌّ، فلا شَكَّ أن روايةَ ابنِ عُلَيَّةَ مقدَّمةٌ.
كيفَ وقد تُوبع؟ ! فقد رواه القضاعيُّ في (مسند الشهاب ٧٠٥): من طريق سعدان بن نصر، عن إسحاق بن يوسف الأزرق، عن عوف ... به.
فلا جرمَ أن رجَّحَ الدارقطنيُّ وغيرُهُ الروايةَ المرسلةَ.
والحديث ذكره الهيثميُّ في (مجمع الزوائد ١٢٩٣٠) فقال: "رواه الطبرانيُّ في (الصغير)، عن شيخِهِ حملة بن محمد ولم أعرفْه، وبقية رجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن محمد بن عمرو الغزي وهو ثقة".
وأقرَّه المُناويُّ في (فيض القدير (٣/ ٢٦٨)، ولذا قال في (التيسير ١/ ٤٥٦): "في إسناده مجهول، وبقيته ثقات". يعني حملة.
قلنا: حملة بن محمد نُسِبَ في رواية الطبراني بأنه غزي، أي من أهل غزة فلسطين، مترجم في (الأنساب ٤/ ٢٦٤)، و (تكملة الإكمال ٢/ ٢٧٠)، وغيرهما، ولكنه لم ينفردْ به، فقد تابعه غيرُ واحدٍ، كما هو مبينٌ في السندِ؛ فليس هو علةُ الحديثِ.
وفاتَ الشيخ الألبانيّ علة الإرسال، فَصَحَّحَ الحديثَ (الصحيحة ٤/ ٤٠١).