فالمرفوع منه إنما يدل على أن الحيض علامة للبلوغ، وليس فيه بطلان صلاة الجارية البالغة بغير خمار، أو عدم قَبولها، بل وليس فيه النهي عن ذلك، إنما جاء فيه ذلك النهي موقوفًا من قول عائشة رضي الله عنها، فترجيح هذا الوجه المنقطع يقتضي إعلال الحديث -باللفظ الذي خرجه أصحاب السنن- بالوقف كما ذكره ابن حجر، وكذا رواه شعبة وغيره عن قتادة كما مرَّ آنفًا.
وعلى هذا، فقد وافق قتادة هشامًا وأيوب على وقف هذا القدر من الحديث، وإن خالفهما في وصله بذكر صفية، وهو أمرٌ هين؛ لسببين:
الأول: أن انقطاعه بين ابن سيرين وعائشة لا يضر.
فقد قال ابن عبد البر:((أجمع أهل العلم بالحديث أن ابن سيرين أصح التابعين مراسيل، وأنه كان لا يَروي ولا يأخذ إلا عن ثقة، وأن مراسيله صحاح كلها)) (التمهيد ٨/ ٣٠١).
وقال أيضًا:((وكل مَن عُرف أنه لا يأخذ إلا عن ثقة فتدليسه ومرسله مقبول، فمراسيل سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي عندهم صحاح" (التمهيد ١/ ٣٠).
وقال أيضًا في حديث آخر:((ورواه محمد بن سيرين عن عائشة، وما أظنه سمعه منها، ومراسيل ابن سيرين عندهم صحاح كمراسيل سعيد بن المسيب)) (التمهيد ٢٤/ ٤٨).
الثاني: أن أيوب ومن تابعه قد ذكروا أن عائشة نزلت على صفية وحدثتها