قلنا: فأما مخرمة فثقة، وثقه أحمد وابن المديني وغيرهما، وروى عنه مالك وأثنى عليه. قال الدَّارَقُطْنِيّ:((ولو كان مخرمة ضعيفًا لم يرضه مالك أن يأخذ منه شيئًا)) (سؤالات الحاكم ٥٢٣)، و (تهذيب التهذيب ١٠/ ٧١).
وأما سماعه من أبيه فمختلف فيه، والجمهور على عدم السماع، وإنما يَروي وجادة من كتب أبيه، وقد احتج بها مسلم وجماعة؛ ولذا قال العلائي:((أخرج له مسلم عن أبيه عدة أحاديث. وكأنه رأى الوجادة سببًا للاتصال وقد انتقد ذلك عليه)) (الجامع ٧٤٢).
يشير إلى صنيع الدَّارَقُطْنِيّ في (الإلزامات والتتبع، ص ١٦٧ و ٢٨٣).
والدَّارَقُطْنِيّ إنما بَيَّن عدم السماع، ولم يقل بأن الوجادة ضعيفة؛ ولذا قال ابن حجر:((مخرمة بن بكير صدوق، وروايته عن أبيه وجادة من كتابه، قاله أحمد وابن معين وغيرهما. وقال ابن المديني: سمع من أبيه قليلًا)) (التقريب ٦٥٢٦).
وقال المعلمي اليماني:((قال أبو داود: (لم يسمع من أبيه إلا حديثًا واحدًا، وهو حديث الوتر)، فقد سمع من أبيه في الجملة، فإن كان أبوه أَذِن له أن يَروي ما في كتابه ثبت الاتصال، وإلا فهي وجادة، فإن ثبت صحة ذاك الكتاب قوي الأمر. ويدل على صحة الكتاب أن مالكًا كان يَعتد به، قال أحمد:(أَخذ مالك كتاب مخرمة فكل شيء يقول: (بلغني عن سليمان بن يسار) فهو من كتاب مخرمة عن أبيه عن سليمان))) (التنكيل ٢/ ١٢٢).
وقد تقدم الكلام على (رواية مخرمة بن بكير عن أبيه) بالتفصيل في: (باب الوضوء من المذي)، حديث رقم (؟ ؟ ؟ ؟ ).