وقال ابن تيمية:((الحيض عَلَّق الله به أحكامًا متعددة في الكتاب والسنة، ولم يقدر لا أقله ولا أكثره، ولا الطهر بين الحيضتين، مع عموم بلوى الأمة بذلك واحتياجهم إليه، واللغة لا تفرق بين قدر وقدر، فمَن قَدَّر في ذلك حدَّا فقد خالف الكتاب والسنة.
والعلماء منهم مَن يَحُد أكثره وأقله، ثم يختلفون في التحديد. ومنهم من يَحُد أكثره دون أقله. والقول الثالث أصح أنه لا حد لا لأقله ولا لأكثره، بل ما رأته المرأة عادة مستمرة فهو حيض، وإن قُدِّر أنه أقل من يوم استمر بها على ذلك فهو حيض، وإن قُدِّر أن أكثره سبعة عشر استمر بها على ذلك فهو حيض. وأما إذا استمر الدم بها دائمًا فهذا قد عُلِم أنه ليس بحيض؛ لأنه قد عُلِم من الشرع واللغة أن المرأة تارة تكون طاهرًا وتارة تكون حائضًا، ولطهرها أحكام، ولحيضها أحكام، والعادة الغالبة أنها تحيض ربع الزمان ستة أو سبعة، وإلى ذلك ردَّ النبي المستحاضة التي ليس لها عادة ولا تمييز.
والطهر بين الحيضتين لا حد لأكثره باتفاقهم؛ إذ من النسوة من لا تحيض بحال، وهذه إذا تباعد ما بين أقرائها فهل يعتد (بثلاث) حِيض أم تكون كالمرتابة تحيض سنة؟ فيه قولان للفقهاء. وكذلك أقله على الصحيح لا حد له)) (مجموع الفتاوى ١٩/ ٢٣٧).