وقد ذكر ذلك ابن عبد البر وهو يحكي مذهبهم، فقال عن رواية ابن إسحاق لهذا الحديث:
((فإن قيل: لم يرفعه إلا محمد بن إسحاق عن الزهري. وأما سائر أصحاب الزهري فإنهم يقولون فيه: (وَأَمَرَهَا أَنْ تَغتَسِلَ وَتُصَلِّيَ، فَكَانَتْ تَغتَسِلُ لِكُلِّ صَلَاةٍ).
قيل: لَمَّا أَمَرَها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تغتسل لكل صلاة، فَهِمت عنه؛ فكانت تغتسل لكل صلاة. على أن قوله:(تَغتَسِلَ وَتُصَلِّيَ) يقتضي ألا تصلي حتى تغتسل)) (الاستذكار ٣/ ٢٢٨).
بينما قال ابن حجر:((الأمر بالاغتسال مطلق، فلا يدل على التَّكرار، فلعلها فهمت طلب ذلك منها بقرينة؛ فلهذا كانت تغتسل لكل صلاة. وقال الشافعي: إنما أمرها صلى الله عليه وسلم أن تغتسل وتصلي، وإنما كانت تغتسل لكل صلاة تطوعًا. وكذا قال الليث بن سعد في روايته عند مسلم. وإلى هذا ذهب الجمهور، قالوا: (لا يجب على المستحاضة الغسل لكل صلاة إلا المتحيرة، لكن يجب عليها الوضوء)، واستدل المهلبي بقوله لها:(هَذَا عِرْقٌ) على أنه لم يوجب عليها الغسل لكل صلاة؛ لأن دم العرق لا يوجب غسلًا)) (الفتح ١/ ٤٢٧).