للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِلَّا أَنَّ الحافظَ ابنَ حَجَرٍ: ذكر أن الأثرمَ روى عن الإمامِ أحمدَ ما يدلُّ على أنه كان يُدَلِّسُ. فقال في قصة طويلة (١): ((وروايةُ عطاءٍ عن عائشةَ لا يحتجُّ بها، إِلَّا أنْ يقولَ: سمعتُ)) (تهذيب التهذيب ٧/ ١٨٢). وبنحوه في (الإمام لابنِ دقيق العيد ٣/ ٩١).

قلنا: وكلامُ أحمدَ هذا قد يُفْهَمُ على وجهين آخرين:

الأول: أن المشهورَ عن عطاءٍ أنه كثير الإرسال عمن لم يسمع، وقلَّما يروي حديثًا عن عائشةَ، إِلَّا وجدتَ بينهما واسطةً في موضع آخر، انظر على سبيل المثال (مسند أحمد ٢٤٦٤٢، ٢٥٦٤٧، و ٢٤١٣٧، ٢٥٤٦٧)، فكأنَّ أحمدَ في ريبٍ من سماعِ عطاءٍ من عائشةَ، فذكرَ أنه لا يُحتجُّ بروايتِه عنها حتى يثبتَ السماعُ صراحةً.

الوجه الثاني: أن أحمدَ قَصَدَ حديثًا بعينه، في متنه نكارةٌ، فتَلَمَّسَ له علةً، والحديثُ الذي قال أحمدُ فيه هذا القول هو حديثُ نوم الجُنُبِ، وأحمدُ يستنكره، ولهذا قال في تتمة كلامه: ((ولو قال في هذا: ((سمعتُ)) كانت تلك الأحاديث أقوى)) (الإمام ٣/ ٩١)، يعني: الأحاديث المعارضة لحديث عطاء، وهي المثبتة لوضوء الجنب إذا أراد أن ينامَ.

وإلا فلم نجدْ مَن رَمَى عطاءً بالتدليسِ سوى ما فهمه الحافظُ من قولِ أحمدَ هذا، ولم يُعَوِّلْ أحدٌ عليه، ولا الحافظ نفسه، حيث لم يذكره في المدلسين، والله تعالى أعلم.

ولذا قال الألبانيُّ: ((هذا إسنادٌ صحيحٌ، رجالُه كلُّهم ثقاتٌ على شرطِ


(١) أثناء كلامه على حديث نوم الجنب من غير وضوء، كما في (الإمام).