ثم قال: وقد ذكرنا في كتابنا هذا في باب مترجم بباب الأحاديث الواردة في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بفسخ الحج بعمرة في حجة الوداع، والأحاديث نظن بها أنها رواية جابر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم:((أَنَّ الْعُمْرَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي الْحَجِّ لِأَبَدِ الْأَبَدِ، وَإِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)). ورواية محمد بن علي بن الحسين، وعطاء بن أبي رباح كذلك عن جابر، ورواية طاوس، ومجاهد كذلك عن ابن عباس ورواية الجماهير كذلك عمن ذكرنا. فصحَّ بما ذكرنا صحةً لا شك فيها أن لا سبيل إلى فسخ ذلك؛ لأن قوله عليه السلام:((دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلِأَبَدِ الْأَبَدِ))، قطع بأن ذلك لا يفسخ فسقطت الأحاديث الواهية الواردة بخلاف ذلك مع ظهور العلل فيها، وليس أبو شيخ ممن اشتهر بحفظ -لو صحَّ سماعه- ما ذكر بحديث يعارض به الثقات، فكيف ولم يسمعه؟ ! وبالله تعالى التوفيق)) (حجة الوداع ٤٨٧ - ٤٨٨).
وقال ابن قدامة:((وهذا مما لم يوافق الصحابة معاوية عليه، مع ما يتضمنه من مخالفة الأحاديث الصحيحة والإجماع)) (المغني ٥/ ٩٥).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -بعد ذكر حديث سعيد بن المسيب- ((أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ: يَنْهَى عَنِ الْعُمْرَةِ قَبْلَ الْحَجِّ))، وحديث معاوية هذا؛ قال:((قد أجمع العلماء على أن المتعة لا تكره، وقد ذكرنا معنى ما نقل في ذلك عن الصحابة، ... وأما الحديثان فشاذان منكران، مخالفان لكتاب الله وسنة رسوله الناطقة بأن هذا الحكم لا ينسخ حيث قال: ((دَخَلَتِ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ)))) (شرح العمدة ١/ ٥٤٩).
وقال ابن القيم: ((ونحن نشهد بالله إن هذا وَهْمٌ من معاوية، أو كذب