وذلك لأن ابن ثوبان هذا قد مات قبل أَنْ يولد عبد الوهاب! .
وهذا يرد قول الذهبي: "ما ضره تغيره، فإنه لم يحدث زمن التغير بشيء" (السير ٩/ ٢٣٩)، فأما استدلاله على ذلك بما رواه العقيلي في (الضعفاء ١٠٤٠) عن أبي داود قال: "جرير بن حازم وعبد الوهاب الثقفي تغيرًا فحُجب الناس عنهم" (الميزان ٢/ ٦٨١).
قال السخاوي: "ويخدش فيه قول الفلاس، .. ولعل هذا كان قبل حجبه"، (فتح المغيث ٤/ ٣٧٦).
قلنا: فقد ثبت على أية حال أنه حدث حالة الاختلاط.
مع أنه من المحتمل جدًّا أَنَّ مراد أبي داود باحتجاب الناس عنه احتجابهم من قبل أنفسهم، أي امتناعهم عن الذهاب إليه بعد اختلاطه، ويعني بالناس أصحابه المعروفين بالرواية عنه، كبُنْدَار وابن المثنى وابن أبي شيبة وأحمد وابن راهويه وقُتَيْبَة والفلاس وغيرهم، ويؤيد ذلك أنه لم يرو عنه هذا الحديث أحد من أصحابه! .
فأما هريم: فلا يعرف بالرواية عنه، بل ولم نجده قد روى عنه سوى هذا الحديث الواحد! ، فالظاهر أنه سمعه منه ولم يكن يعلم باختلاطه، فلما علم بذلك، لم يذهب إليه، ولم يسمع منه شيئًا، في حين أنه قد أكثر عن غيره من أصحاب أيوب كمعتمر وغيره.
هذا، وقد رواه أصحاب أيوب عنه، عن نافع، عن رجل من الأنصار، عن أبيه به بلفظ: "القبلة"، كما تقدم، وهذا اللفظ هو الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، من غير وجه كما سبق، وعليه فالحديث بلفظ:«الْقِبْلَتَيْنِ» منكر سندًا ومتنًا، والله أعلم.