وقال النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ»(١)».
قال الحافظ: «قوله (والوضوء) أشار به إلى خلافِ من لم يشترط فيه النِّية؛ كما نُقل عن الأوزاعي وأبي حنيفة وغيرِهما، وحجتُهم أنه ليس عبادة مستقلة بل وسيلة إلى عبادة كالصلاة، ونوقضوا بالتيمم؛ فإنه وسيلة وقد اشترط الحنفية فيه النِّية، واستدل الجمهور على اشتراط النِّية في الوضوء بالأدلة الصحيحة المصرّحة بوعد الثواب عليه، فلا بدّ من قصد يميزه عن غيره ليحصل الثواب الموعود» (الفتح ١/ ١٣٥).
ولذا بوب عليه ابن المنذر في (الأوسط) بقوله: «ذكرُ إيجاب النِّية في الطَّهاراتِ والاغتسال والوضوء والتّيمم».
وبوّب عليه البيهقي في «السنن الكبرى» بقوله: «بابُ النِّية في الطَّهارةِ الحُكْمِيَّةِ».
ثانيا:
قال ابن مهدي:«ينبغي أن نضع هذا الحديث في كل باب»(جامع الترمذي ط شاكر ٤/ ١٨٠).
وقال الشافعي:«يدخل في حديث الأعمال بالنيات ثلث العلم»(المعرفة للبيهقي ٥٨٩).
وقال أبو داود:«الفقه يدور على أربعة أحاديث»، وعَدَّ منها هذا (الجامع
(١) هذا جزء من حديث ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ يَوْمَ الفَتْحِ: «لا هِجْرَةَ بَعْدَ الفَتْحِ وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ، ... الحديث». متفق عليه: أخرجه البخاري (٢٨٢٥)، ومسلم (١٣٥٣)، وسيأتي تخريجه - بمشيئة الله - برواياته وشواهده في «كتاب الجهاد»، وكذا في «كتاب فضائل مكة».