وهذا الحديث مما يرجح قوله أيضًا؛ فقد خولف فيه؛ خالفه بلديه أحمد بن عبيد الله أبو الطيب الأنطاكي، فرواه عن المتوكل بن أبي سورة، عن الحارث بن عطية، عن الأوزاعي، عن أبي الزبير، عن جابر، قال:«نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُبَالَ فِي الْمَاءِ الرَّاكِدِ». أخرجه الخطيب في (تاريخه ٥/ ٤١٦) من طريق ابن السماك عنه.
ولا ريب أَنَّ هذه الرواية أصح، وإن كان أبو الطيب الأَنْطَاكِيّ هذا مجهول الحال (١)؛ لموافقتها رواية الجماعة عن أبي الزبير، وهم الليث بن سعد وابن أبي ليلى، وابن لهيعة، والمغيرة بن مسلم وغيرهم. كما تقدم في باب "البول في الماء الراكد".
ثم إن المتوكل هذا لم نقف له على ترجمة، سوى أَنَّ ابن حبان قال:"متوكل بن محمد بن أبي سورة من أهل المصيصة، يروي عن الأوزاعي، روى عنه يمان بن سعيد وأهل الثغر، وليس هذا بمتوكل بن أبي سورة صاحب الحارث بن عطية"(الثقات ٩/ ١٩٨).
كذا قال، ويظهر أنهما واحد، وعلى كلِّ حالٍ فهو مجهول، فلم يوثقه معتبر، فلعل الاضطراب في متنه منه، لا من الرواة عنه. والله أعلم.
والحديث رمز لضعفه السيوطي في (الجامع الصغير ٩٥١٣).
وحكم عليه الألباني بالنكارة، وقال:"اتفاق الليث وابن لهيعة على روايته بلفظ: "الراكد"؛ دليل على نكارة لفظ حديث الترجمة؛ كما تقتضيه قواعد علم مصطلح الحديث"(الضعيفة ٥٢٢٧)، وبنحوه في (تمام المنة ص ٦٣).
(١) حيث ترجم له الخطيب في (تاريخ بغداد ٥/ ٤١٥) برواية جماعة عنه، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا.