أراد أَنْ يدخل الكنيف"، ثم قال: "قال هذا القول لأن الحش لا ينبغي لأحد أَنْ يذكر الله تعالى فيه بلسانه، وهذا كما ذكر موسى؛ لأنه جائز في كلام العرب أَنْ يقول: إذا فعل، ومعناه: إذا كاد يفعل".اهـ.
قلنا: ويدل على هذا المعني رواية غندر عن شعبة به بلفظ: (إذا أتى الخلاء).
قال القاضي عياض: "قد ذكر البخاري في بعض طرق هذا الحديث: (كان إذا أراد أَنْ يدخل) ويجمع بين اللفظين برد أحدهما إلى الآخر، ومن جهة المعنى أنه إذا كان متصلًا بالدخول قيل فيه: إذا دخل.
وقد اختلف السلف والعلماء في هذا الحديث، فذهب بعضهم إلى جواز ذكر الله في الكنيف وعلى كل حال، ويحتج قائله بهذا وبحديث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم على كل أحيانه، وبقوله:{إليه يصعد الكلم الطيب} وهو قول النخعى والشعبي وعبد الله بن عمرو بن العاص وابن سيرين ومالك بن أنس، وروى كراهية ذلك عن ابن عباس وعطاء والشعبي وغيرهم، وكذلك اختلفوا في دخول الكنيف بالخاتم فيه ذكر الله" (إكمال المعلم ٢/ ٢٣٠).
وقال ابن سيد الناس: "وقوله: (إذا دخل الخلاء) يحتمل أَنْ يراد به إذا أراد الدخول نحو قوله: {إذا قمتم إلى الصلاة} أي إذا أردتم القيام، {وإذا قرأت القرآن} أي إذا أردت القراءة، وكذلك وقع في "صحيح البخاري".
ويحتمل أَنْ يراد به ابتداء الدخول وينبني عليه من دخل ونسي التعوذ فهل يتعوذ أم لا؟ كرهه جماعة من السلف منهم ابن عباس وعطاء والشعبي فيحمل الحديث عندهم على المعنى الأول.
واختار جماعة منهم ابن عمر وابن سيرين والنخعي أخذا بقول عائشة رضي الله عنها: