ثانيا: قال النووي: "وأما بوله صلى الله عليه وسلم في السباطة التي بقرب الدور مع أَنَّ المعروف من عادته صلى الله عليه وسلم التباعد في المذهب فقد ذكر القاضي عياض رضي الله عنه أَنَّ سببه أنه صلى الله عليه وسلم كان من الشغل بأمور المسلمين والنظر في مصالحهم بالمحل المعروف فلعله طال عليه مجلس حتى حفزه البول فلم يمكنه التباعد ولو أبعد لتضرر وارتاد السباطة لدمثها وأقام حذيفة بقربه ليستره عن الناس وهذا الذي قاله القاضي حسن ظاهر والله أعلم"(شرح مسلم ٣/ ١٦٦).
وقال الحافظ ابن حجر:"قيل: لأن السباطة رخوة يتخللها البول فلا يرتد إلى البائل منه شيء.
وقيل: إنما بال قائمًا لأنها حالة يؤمن معها خروج الريح بصوت ففعل ذلك لكونه قريبًا من الديار، ويؤيده ما رواه عبد الرازق عن عمر رضي الله عنه قال:«البول قائمًا أحصن للدبر»، وقيل: السبب في ذلك ما رُوِي عن الشافعي وأحمد أَنَّ العرب كانت تستشفي لوجع الصلب بذلك فلعله كان به، وروى الحاكم والبيهقي من حديث أبي هريرة قال:«إنما بال رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا لجرح كان في مأبضه»(١)، وهو باطن الركبة، ولو صح هذا الحديث لكان فيه غنى عن جميع ما تقدم، لكن ضعفه الدارقطني والبيهقي.
والأظهر أنه فعل ذلك لبيان الجواز، وكان أكثر أحواله البول عن قعود، والله أعلم" (الفتح ١/ ٣٣٠).
(١) حديث منكر، ضعفه غير واحد من أهل العلم، وسيأتي تخريجه والكلام عليه قريبًا.