للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتعقبه مغلطاي، فقال: «وفي قول المزي إثر حديثه عن أبي سعيد في بئر بضاعة: قال الميموني عن أحمد: حديث بئر بضاعة صحيح. موهمًا أنَّ تصحيحه إياه من هذه الطريق، وليس كذلك؛ لأَنَّ أحمد إنما قاله في حديث بضاعة مُطلقًا، والذي يشبه أنه يريد حديث سهل بن سعد لا هذا، وذلك أنَّ ابن القطان لما ردَّ حديث أبي سعيد لما قدمناه، قال: لحديث بئر بضاعة طرق هذا - يعني حديث سهل - خيرُها وأحسنُها إسنادًا» (إكمال تهذيب الكمال ٩/ ٤٣).

قلنا: بل الصواب مع المزي والذهبي، لأَنَّ حديث سهل - كما سيأتي بيانه - منكر، لا أصل له، ولم يخرجه أحمد ولا أحد من أصحاب الكتب المشهورة، في الوقت الذي أخرج أحمد فيه حديث أبي سعيد في خمسة مواضع من (مسنده)، فكيف يقال حينئذٍ: إنَّ أحمد يريد حديثًا آخر؟ ! .

وقال فيه الحافظ ابن حجر: «مستور» (التقريب ٤٣١٣).

قلنا: كذا قال الحافظ، وتصحيح أحمد وابن معين وغيرِهما - كما سيأتي - لحديثه، مما يعدُّ توثيقًا ضمنيًا لراويه، ويرتقي بحديثه إلى درجة الصحة، قال ابن الملقن: «تصحيح الحفاظ الأول لهذا الحديث توثيق منهم لهم، إذ لا يظن بمن دونهم الإقدام على تصحيح ما رجاله مجاهيل؛ لأنَّه تدليس في الرواية وغش، وهم براءٌ من ذلك» (البدر المنير ١/ ٣٨٧).

قلنا: إلَّا أنَّ تفرد مثله بهذا الأصل، مع ما في متنه من تهويل في إلقاء النجاسات في البئر، مما يجعل النفس لا تطمئن إليه، ولعل لذلك أعرض عنه البخاري ومسلم، مع شدة الحاجة إليه. والله أعلم.