وفي صنيعهما نظر؛ لأن الذي يدخل تحت هذا الباب هو الراوي الثقة واسع الحفظ كثير الرواية كثير الشيوخ كالزُّهْرِيّ وأبي إسحاق السبيعي ونحوهمًا.
قال ابن حجر:"الزُّهْرِيّ صاحب حديث؛ فيكون الحديث عنده عن شيخين، ولا يلزم من ذلك اطراده في كل من اختُلف عليه في شيخه إِلَّا أَنْ يكون مثل الزُّهْرِيّ في كثرة الحديث والشيوخ"(فتح الباري ١٣/ ١٥).
وسبقه أبو حاتم الرازي فقال - في حديثٍ اختُلِف فيه على أبي إسحاق السبيعي على أوجه-: "كان أبو إسحاق واسع الحديث؛ يحتمل أَنْ يكون سمع من أبي بصير، وسمع من ابن أبي بصير عن أبي بصير، وسمع من العيزار عن أبي بصير"(العلل لابن أبي حاتم ٢/ ١٥٠ - ١٥١).
وقال في (الجرح والتعديل ٦/ ٢٤٣): "أبو إسحاق السَّبيعي ثقة ... ، ويُشبَّه بالزُّهْرِيّ في كثرة الرواية، واتساعِهِ في الرجال".
أما في حديثنا فعياش بن عباس وشيخه شُيَيْم لا يحتملان هذا الخلاف، لاسيما مع نكارة المتن، فالأحاديث السابقة في الباب كلها متفقة على النهي عن الاستنجاء بالعظم والرجيع، دون ذكر براءة النبي صلى الله عليه وسلم ممن يفعل ذلك.
ولذا قال البزار عقبه:"وهذا الحديث قد رَوَى نحو كلامه غَيْرُ واحد، وأما هذا اللفظ فلا يُحْفَظُ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد غير رُوَيْفِعٍ، وإسناده حسن غير شيبان فإنه لا نعلم روى عنه غير شُيَيْمِ بن بَيْتَانَ، وعياش بن عباس مشهور"(المسند ٦/ ٣٠١). هذا والله أعلم.