وقيل: الفِطرة - بالكسر-: الخِلْقة، نسبَه ابنُ عبد البَرِّ إلى جماعة من أهل الفقه، وقال:"هذا القولُ أصحُّ ما قيل في معنى الفطرة التي يُولد الناسُ عليها، والله أعلم"(التمهيد ١٨/ ٦٨ - ٧٠). قال القُرطبي:"وإلى ما اختاره أبو عُمرَ واحتجَّ له، ذهب غيرُ واحد من المحققين، منهم ابنُ عطية في تفسيره في معنى الفِطرة، وشيخُنا أبو العباس"(الجامع لأحكام القرآن ١٤/ ٢٩).
وقيل: المراد بها هنا: السُّنَّة: يعني سُننَ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام التي أُمِرْنا أن نقتديَ بهم فيها، قال الخطَّابي:"فسَّر أكثرُ العلماء الفِطرةَ في هذا الحديث بالسُّنَّة؛ وتأويلُه: أن هذه الخِصالَ مِن سنن الأنبياء الذين أُمِرْنا أن نقتديَ بهم؛ لقوله سبحانه:{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام: ٩٠] "(معالم السنن ١/ ٣١). قال الحافظ:"وكذا قاله غيرُه، قالوا: والمعنى: أنها مِن سنن الأنبياءِ"(الفتح ١٠/ ٣٣٩)، وانظر (النهاية ٣/ ٨٨٢)، و (لسان العرب ٥/ ٥٥).
قال الحافظُ: "واستَشكَل ابنُ الصلاح ما ذكره الخطَّابي، وقال: معنى الفِطرةِ بعيدٌ من معنى السُّنَّة، لكنْ لعل المراد أنه على حذْفِ مضافٍ، أي: سُنَّة الفِطرة، وتعقَّبه النَّوويُّ بأن الذي نقله الخطَّابي هو الصواب؛ فإنَّ في صحيح البخاري عن ابن عُمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((مِنَ السُّنَّةِ: قَصُّ الشَّارِبِ، وَنَتْفُ الْإِبْطِ، وَتَقْلِيمُ الْأَظْفَارِ)). قال: وأصحُّ ما فُسِّر الحديثُ بما جاء في رواية أخرى لا سيَّما في البخاري. اهـ. وقد تبِعه شيخُنا ابن المُلَقِّن على هذا، ولم أرَ الذي قاله في شيء من نُسَخ البخاري، بل الذي فيه من حديث ابن عُمرَ بلفظ:((الفِطْرَة))، وكذا من حديث أبي هريرةَ. نَعَمْ، وقع التعبيرُ بالسُّنَّة