الإنسانُ عليها. وبقاءُ هذه الأمورِ وترْكُ إزالتِها؛ يُشَوِّهُ الإنسانَ ويقبحه، بحيث يُستقذَر ويُجتنب، فيخرج عما تقتضيه الفِطرةُ الأُولى، فسُمِّيَت هذه الخصالُ فِطْرةً لهذا المعنى، والله أعلم" (المفهم ١/ ٥١١ - ٥١٢).
٢ - للعلماء في قص الشاربِ وجهان:
الأول: القصُّ، أي تقصيره فقط، بأخْذِ حوافِّه، وبخاصةٍ حافتُه السُّفلى.
وهو مذهب مالكٍ، وقال عن الحَلْق: "مُثْلَة" وقال أيضًا: "يؤدَّب فاعلُه".
الثاني: الحلق، أي حفُّه، وحلْقُه بالكلية.
وهو مذهب أبي حنيفة، وأحمدَ، ولكلٍّ أدلَّتُه.
* وانتصر الطَّحاوي لمذهب الحنفيَّة؛ بالقياس على الرأس في الحج، فرجَّحَ الحَلْقَ على القص بتفضيله صلى الله عليه وسلم الحلقَ على التقصير في النُّسُك.
* ووهَّى ابن التِّينِ الحلقَ؛ بقوله صلى الله عليه وسلم:((لَيْسَ مِنَّا مَنْ حَلَقَ)).
وكلاهما احتجاجٌ بالخبر في غير ما ورد فيه، ولا سيما الثاني (فتح الباري ١٠/ ٣٤٧).
* وانتصر ابن عبد البر لمذهب مالك، فقال: "في هذا البابِ أصلانِ:
أحدهما:((أَحْفُوا الشَّوَارِبَ))، وهو لفظٌ مجمَلٌ محتمِلٌ للتأويل.
والثاني:((قَصُّ الشَّارِبِ))، وهو مفسَّرٌ، والمفسّر يقضي على المجمل، مع ما رُوِيَ فيه أن إبراهيم أوَّلُ مَن قصَّ شاربه. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((قَصُّ الشَّارِبِ مِنَ الْفِطْرَةِ)) يعني: فطرةَ الإسلام، وهو عمَلُ أهلِ المدينة، وهو أوْلَى ما قيل به في هذا الباب" (التمهيد ٢١/ ٦٦).
وذهب الطبريُّ إلى التخيير في ذلك، فقال: "دَلَّتِ السُّنَّةُ على الأمرين،