وقال العَجْلُوني:"رواه الطَّحاوي عن أنس بسند ضعيف"(كشف الخفاء ١٤٢).
وضعَّفه الألباني في (الضعيفة ٢١٠٧)، وأعلَّه بـ"عبد الله بن جعفر"، بالإضافة إلى المخالفة في قوله:"وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ"؛ لِما رواه الشيخان من حديث ابن عُمر بلفظ:"خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ ... "، وفي رواية لأبي عَوانة بلفظ:"خَالِفُوا الْمَجُوسَ ... "، وبهذا اللفظ خرَّجه مسلم من حديث أبي هريرة كما سبق.
ثم نقل الشيخ عن الحافظ قولَه في (الفتح ١٠/ ٢٩٦): "وهو المراد في حديث ابن عُمر؛ فإنهم كانوا يقُصُّون لِحاهم، ومنهم مَن كان يحلِقُها"(الضعيفة ٥/ ١٢٥).
يعني أن ذِكر اليهود في الحديث غيرُ محفوظ، وقد رواه الحسن بن أبي جعفر، عن عبد الله، عن أنس بلفظ:"خَالِفُوا الْمَجُوسَ"، كما سبق، وهذا هو الموافق لِما جاء في حديث أبي هريرة.
ولكن أخرج أحمد وغيرُه من حديث أبي أمامة رضي الله عنه قال:((خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَشْيَخَةٍ مِنَ الْأَنْصَارِ بِيضٌ لِحَاهُمْ، فَقَالَ: ((يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ، حَمِّرُوا وَصَفِّرُوا، وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ)) ... الحديثَ، وفيه: "فَقُلْنَا: يا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ يَقُصُّونَ عَثَانِينَهُمْ وَيُوَفِّرُونَ سِبَالَهُمْ. قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((قُصُّوا سِبَالَكُمْ، وَوَفِّرُوا عَثَانِينَكُمْ، وَخَالِفُوا أَهْلَ الْكِتَابِ)).
وسنده حسَن كما سيأتي، ففي هذا الحديث أن أهل الكتاب- ومنهم اليهود- كانوا يقُصُّون عَثانِينَهم (أي: لِحاهم)، ويُوفِّرون سِبالهم (أي: شواربهم)، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمخالفتهم أيضًا، وهذا شاهد جيِّدٌ لمتن حديث أنس هذا، والله أعلم.