فقال: كيف تقول: ((يُمَاطُ عَنْهُ الْأَذَى))، مع قوله:((يُلَطَّخُ رَأْسُهُ بِدَمِ عَقِيقَتِهِ)). قلت: ولا إشكال فيه، فلعل إماطة الأذى تقع بعد اللطخ، والواو لا تستلزم الترتيب" (التلخيص ٤/ ٢٧٢).
هكذا جمع الحافظ بين الفقرتين، مع أن قوله: "ويُلَطَّخُ رَأْسُهُ بِدَمِ عَقِيقَتِهِ" من المنكرات الجاهليةِ التي نهى عنها الإسلامُ، كما قال بُرَيدة بن الحُصَيب:((كُنَّا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا وُلِدَ لِأَحَدِنَا غُلَامٌ ذَبَحَ شَاةً وَلَطَخَ رَأْسَهُ بِدَمِهَا، فَلَمَّا جَاءَ اللهُ بِالْإِسْلَامِ كُنَّا ((نَذْبَحُ شَاةً، وَنَحْلِقُ رَأْسَهُ، وَنَلْطَخُهُ بِزَعْفَرَانٍ))، أخرجه أبو داود (٢٨٣٢) وغيرُه، وصحَّحه غيرُ واحد من أهل العلم، وسيأتي تخريجُه والكلامُ عليه في "كتاب أحكام المولود" من هذه الموسوعة.
ولذا قال الشوكاني: "في إسناده رَوَّاد بن الجَرَّاح وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات، وفي لفظه ما يُنكَر، وهو ثقب الأذن، والتلطيخُ بدم العقيقة" (النيل ٥/ ١٦١).
وقال الألباني متعقبًا على الحافظ في استشهاده بهذا الحديث على مسألة ثقب الأذن: "وكيف يجوز إثباتُ السُّنَّة بمثل هذا الإسناد الواهي؟ ! ولا سيما وفي متنه جملةٌ مستنكَرة، وهي أنه ((يُلَطَّخُ رَأْسُهُ بِدَمِ عَقِيقَتِهِ))؛ فإن هذا التلطيخ كان في الجاهلية، فلما جاء الإسلام أَمَر النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل مكان الدم خَلوقًا، وقد ذكر الحافظُ نفْسُه في "الفتح" بعضَ الأحاديث الواردة في ذلك (٩/ ٥٩٤)، وخرَّجْت أنا بعضَها في "الإرواء"(٤/ ٣٨٨ - ٣٨٩)، فليراجعها مَن شاء" (الضعيفة ٥٤٣٢).
وقد كان الحافظ في غنًى عن ذلك ما دام قد أقرَّ ضعف الإسناد، وقد صرَّح بذلك أيضًا في (فتح الباري ٩/ ٥٨٩).