وعبد الله بن يزيدَ ثقةٌ فاضل، وسعيد بن أبي أيوبَ ثقةٌ ثبْت، وقد رواه عن عُقَيل، عن ابن شِهاب الزُّهْري، عن عائشة، منقطعًا، ليس فيه عُرْوةُ.
فهذا هو المحفوظ عن عُقَيل، خلافًا لرواية ابن لَهِيعة، وأخطأ البلوشي محقِّقُ مسنَد ابن راهويه، حيث أثبت عُرْوةَ في إسناد الكتاب بين قوسين، وقال في الحاشية:"ما بين المعكوفتين سقَط من الأصل، أثبتُّه من مصادر التخريج"! ثم قال في التحقيق: "منقطِع! ولكن الظاهر أنه سقط من الناسخ ... وقد جاء موصولًا في مصادر التخريج"! ! .
قلنا: وهذا صنيع غيرُ سديد، فها هو المصدر الوحيدُ من مصادر التخريج الذي وافق سندَ المسنَد من أوَّلِه إلى منتهاه، كتاب (فضائل الصحابة) للإمام أحمدَ الذي شارك ابنَ راهويه في روايته عن المقرئ، وجاء الإسنادُ عندَه منقطعًا أيضًا، وهذا وحدَه كافٍ في بيان سلامة الأصل ودفْعِ الوهَمِ عن ناسخه.
فأمَّا بقيةُ المصادر التي جاء الحديثُ فيها موصولًا بذِكر عُروةَ، فلم يَرِدِ الوصْلُ فيها من رواية عُقَيل، بل وما جاء موصولًا بهذه السياقةِ من حديث الزُّهْري، وإنما يَرويه بنحوِ هذه السياقة عن عُرْوةَ ابنُه هِشامٌ كما عند البخاري (٤٤٥٠) وغيرِه، وهذا لا يعني أن الحديث عند الزُّهْري أيضًا من رواية عُروة، وهذا ظاهر.
فأمَّا روايةُ الزُّهْري عن عُرْوةَ لبعض خبرِ موته صلى الله عليه وسلم، فإنما هي سياقاتٌ أخرى، أقربُها إلى رواية عُقَيلٍ: ما رواه أحمد (٢٦٣٤٧)، وابنُ راهويه (٧٦٤)، وأبو يَعْلَى (٤٥٨٥)، وغيرُهم، من طريق ابن إسحاقَ، عن