هذا بشأن الإسناد. فأمَّا المتْنُ: فظاهرُ المغايرة، فرواية ابن لَهِيعةَ عن عُقَيل:((إِنْ كُنْتُ لَأَسْتَاكُ فَيَأْخُذُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السِّوَاكَ، فَيَسْتَاكُ بِفَضْلِ رِيقِي))، وهذه تفيد التَّكرار، كما تفيد أيضًا أن فضْل ريقِها هو المقصود.
بينما رواية سعيد بن أبي أيوبَ عن عُقَيل لا تفيد هذا ولا ذاك، بل تفيد عكْسَه، لاسيما والسِّواك المذكور في قولها:((وَمَضَغْتُ لَهُ السِّوَاكَ؛ فَجَمَعَ اللهُ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ)) إنما هو سواك عبد الرحمن بن أبي بكر، كما بينتْ ذلك في روايات أخرى، ومنها رواية ذَكْوانَ مولى عائشة عند البخاري وغيرِه، وفيها:"دَخَلَ عَلَيَّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَبِيَدِهِ السِّوَاكُ، وَأَنَا مُسْنِدَةٌ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَأَيْتُهُ يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَعَرَفْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ السِّوَاكَ، فَقُلْتُ: آخُذُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ:((أَنْ نَعَمْ))، فَتَنَاوَلْتُهُ، فَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَقُلْتُ: أُلَيِّنُهُ لَكَ؟ فَأَشَارَ بِرَأْسِهِ:((أَنْ نَعَمْ))، فَلَيَّنْتُهُ ... " الحديثَ.
فتبين بذلك أنه صلى الله عليه وسلم إنما أراد فقط أن يتسوك، وجاء أمْرُ الرِّيق قدرًا لاشتداد السِّواك عليه، مما تطلَّبَ تليينَه من قِبَلِ عائشةَ رضي الله عنها؛ ولذلك كانت تقول:((إِنَّ مِنْ نِعَمِ اللهِ عَلَيَّ: ... أَنَّ اللهَ جَمَعَ بَيْنَ رِيقِي وَرِيقِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ))، ثم ساقتِ القصةَ، (صحيح البخاري/ ٤٤٤٩).
هذا، وبقية رجالِ حديثِ ابن لَهِيعةَ ثقاتٌ؛ فعُقيلٌ هو: ابن خالد الأَيْلي، ثقة ثبْتٌ، روَى له الجماعة، كما في (التقريب ٤٦٦٥)،
ومُعافَى بن عِمْرانَ الحِمْصيُّ: ذكره ابن حِبَّان في (الثقات ٩/ ١٩٩)، ووثَّقه الذهبيُّ في (الميزان ٤/ ١٣٤)، وقال في (السِّيَر ٩/ ٨٦): "وهو صدوق إن شاء الله"