ثم قال الطبراني:"لم يَروِ هذا الحديثَ عن عبد الملك بن عُمَيرٍ إلا محمدُ بن إسحاق".
[التحقيق]:
هذا إسناد ضعيف؛ فيه ابنُ إسحاق، وهو وإن كان صدوقًا، لكنه مدلِّس؛ وقد عنعنه، وبقية رجاله موَثَّقون؛ فشيخ الطبراني هو: أحمد بن عليٍّ الأَبَّارُ، إمام ثقةٌ حافظ، انظر (السِّيَر ١٣/ ٤٤٣)، وأبو الأَصْبَغ الحَرَّاني ثقةٌ، لا بأس به، انظر (الكامل ٨/ ٧٣٧)، (تهذيب الكمال ١٨/ ٢١٥)، (الكاشف ٣٤١٥)، ومحمد بن سلَمةَ هو أبو عبد الله الحَرَّاني.
ومتْنُه منكَر؛ لأنه يخالف المحفوظَ عن الثقات، من أن السائل والطالبَ للإمارة رجلان من قوم أبي موسى، وليس أبو موسى هو السائلَ كما في هذه السياقة، وقد جاءت الرواية على الصواب من طريق محمد بن سلَمة عن ابن إسحاقَ نفْسِه كما سبق عند أبي جعفر ابن البَخْتَري، فلعل الوَهَم هنا من أبي الأَصْبَغ، والله أعلم.
[تنبيهان]:
الأول: وقعت الرواية عند أبي داودَ: "وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاكِتٌ" بدلَ: "يَسْتَاكُ"، وجمع البَيْهَقي بين الروايتين، فقال:"وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْتَاكُ، وَكِلَاهُمَا سَأَلَ الْعَمَلَ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاكِتٌ".
الثاني: هناك رواياتٌ أخرى لهذا الحديث، سواء في المراجع التي ذكرناها في التخريج أم في غيرها، ولكن هذه الروايات لم يَرِد فيها ذِكر الشاهد من الحديث لهذا الباب، وهو: تسوُّكُه صلى الله عليه وسلم بحضرة بعضِ الرعية؛ ولذا لم نخرِّجها هنا، وستُخرَّج في مكانها اللائق بها من هذه الموسوعة- إن شاء الله تعالى-.