توصفُ بدخولٍ أو بخروجٍ ولكن الباري لما أوقف المغفرة على الطهارةِ الكاملةِ في العضوِ، ضرب لذلك مثلًا بالخروجِ؟ ولأن الطهارةَ حكمٌ ثابتٌ استقرَّ له الدخول)) (عارضة الأحوذي ١/ ١٠).
قال السيوطيُّ معقبًا: ((وأقولُ: بل الظاهر حمله على الحقيقةِ، وذلك أن الخطايا تؤثرُ في الباطنِ والظاهرِ، والطهارةُ تزيله، وشاهدُ ذلك ما أخرجه المصنِّفُ والنسائيُّ وابنُ ماجه وابنُ حِبَّانَ والحاكمُ، عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:«إِنَّ العَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْبًا نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِل قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زَادَتْ حَتَّى تَعْلُو قَلْبَهُ، وَذَلِكَ الرَّانُ، الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ فِي القُرْآنِ {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}». وأخرج أحمدُ، وابنُ خزيمةَ عنِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الحَجَرُ الأَسْوَدُ يَاقُوتَةٌ بَيْضَاءُ مِنَ الجَنَّةِ وَكَانَ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ، وَإِنَّمَا سَوَدَتْهُ خَطَايَا المُشْرِكِينَ» فإذا أثرتِ الخطايا في الحجرِ، ففي جسدِ فاعلِها أَوْلَى.
فإما أن يُقدَّرَ: خَرَجَ من وجهِهِ أثرُ كل خطيئةٍ، أي: السَّوادُ الذي أحدثته. وإما أن يقالَ: إن الخطيئةَ نفسها تتعلقُ بالبدن، على أنها جسمٌ لا عَرَضٌ، بناءً على إثباتِ عالم المثال؛ ولهذا صحَّ عَرْضُ الأعراضِ على آدم عليه السلام ثم على الملائكة {فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ} وإلا فكيفَ يُتصورُ عَرْضُ الأعراض لو لم يكن لها صورةٌ تتشخص بها؟ ! وقد حققتُ ذلك في تأليفٍ مستقلٍ، وأشرتُ إليه في الحاشيةِ التي علَّقتُهَا على تفسيرِ البيضاويِّ. ومن شواهدِهِ في الخطايا ما أخرجه البيهقيُّ في سننه عنِ ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: «إِنَّ العَبْدَ إِذَا قَامَ يُصَلِّي أُتِيَ بِذُنُوبِهِ فَجُعِلَتْ عَلَى رَأْسِهِ وَعَاتِقَيْهِ، كُلَّمَا رَكَعَ وَسَجَدَ تَسَاقَطَتْ عَنْهُ». وأخرج البزارُ والطبرانيُّ عن سلمانَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المُسْلِمُ يُصَلِّي وَخَطَايَاهُ مَرْفُوعَةٌ عَلَى