وقال ابنُ أبي حاتمٍ:"وسألتُ أبي وأبا زرعة عن حديثِ رواه حماد بن سلمة، عن أبي جهضم، عن عبيد الله بن عبد الله بن عباس، عن أبيه ابن عباس قال:((لَمْ يَعْهَدْ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ إِلَّا ثَلَاثةً: أَمَرَنَا أَنْ نُسْبِغَ الوُضُوءَ)).
فقال أبي: إنما هو عبد الله بن عبيد الله بن عباس، أخطأَ فيه حمادٌ. وقالا جميعًا: رواه حمادُ بنُ زيدٍ، وعبدُ الوارثِ، ومُرَجَّى بنُ رَجَاءٍ، فقالوا كلُّهم: عن أبي جهضم، عن عبد الله بن عبيد الله، وهو الصحيحُ" (العلل ٤٤)، وانظر (الجرح والتعديل ٨/ ١٤٣).
لكن قال المزيُّ:"وفي نسبةِ الوهمِ إلى الثوريِّ نظرٌ؛ فإن حمادَ بنَ سلمةَ رواه عن أبي جَهضمٍ مثل رواية الثوري، وكذلك رواه محمدُ بنُ عيسى بنِ الطَّبَّاعِ عن حمادِ بنِ زيدٍ"(تهذيب الكمال ١٥/ ٢٥٤).
فكأنَّهُ يحمل على أبي جهضم، وما قاله البخاريُّ والترمذيُّ وأبو حاتم وأبو زرعةَ وغيرُهُم أَوْلى، وعلى كلٍّ، فالصوابُ هو الوجهُ الأولُ.
وأبو جَهضمٍ -مولى آل العباس- ثقةٌ اتفاقًا؛ وَثَّقَهُ أحمدُ وابنُ مَعينٍ وأبو زرعةَ. وقال أبو حَاتمٍ:"صالحُ الحديثِ صدوقٌ"، وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات)، وقال ابنُ عبدِ البرِّ:"لم يختلفوا في أنه ثقةٌ"(تهذيب التهذيب ١٠/ ٣٤٤).
وعبد الله بن عبيد الله بن عباس؛ قال أبو زرعةَ والنسائيُّ:"ثقةٌ" وذكره ابنُ حِبَّانَ في (الثقات)، وقال ابنُ سعدٍ:" كان ثقةً وله أحاديث"(تهذيب التهذيب ٥/ ٣٠٦).
ووَثَّقَهُ ابنُ البَرقي في (تمييز ثقات المحدثين وضعفائهم وأسمائهم