وقال ابن عبد البر:((ويحيى بن سعيد أحفظ من صفوان بن سليم وأثبت من سعيد بن سلمة. وليس إسناد هذا الحديث مما تقوم به حجة عند أهل العلم بالنقل؛ لأنَّ فيه رجلين غيرُ معروفين بحمل العلم)) (الاستذكار ١/ ١٥٩).
وقال في (التمهيد): ((أرسل يحيى بن سعيد الأنصاري هذا الحديث عن المغيرة بن أبي بردة، لم يذكر أبا هريرة، ويحيى بن سعيد أحد الأئمة في الفقه والحديث، وليس يقاس به سعيد بن سلمة ولا أمثاله، وهو أحفظ من صفوان بن سليم، وفي رواية يحيى بن سعيد لهذا الحديث ما يدل على أنَّ سعيد بن سلمة لم (يكن) بمعروف من الحديث عند أهله، وقد رُوِيَ هذا الحديث عن يحيى بن سعيد، عن المغيرة بن عبد الله بن أبي بردة، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، والصواب فيه عن يحيى بن سعيد: ما رواه عنه ابن عُيَينَة مرسلًا، كما ذكرنا، والله أعلم)) (التمهيد ١٦/ ٢٢٠).
وقال أيضًا:((سعيد بن سلمة فلم يروِ عنه فيما علمت إلَّا صفوان بن سليم، والله أعلم، يقال إنَّه مخزومي من آل ابن الأزرق أو بني الأزرق، ومن كانت هذه حاله فهو مجهول لا تقوم به حجة عندهم. وأما المغيرة بن أبي بردة فهو المغيرة بن عبد الله بن أبي بردة، قيل إنَّه غير معروف في حملة العلم كسعيد بن سلمة وقيل ليس بمجهول. وقد سأل أبو عيسى الترمذي محمد بن إسماعيل البخاري عن حديث مالك هذا عن صفوان بن سليم فقال: هو عندي حديث صحيح ... ))، قال ابن عبد البر:((لا أدري ما هذا من البخاري رحمه الله ولو كان عنده صحيحًا لأخرجه في مصنّفه الصحيح عنده ولم يفعل؛ لأنَّه لا يُعَوِّل في الصحيح إلَّا على الإسناد، وهذا الحديث لا يحتجُّ أهل الحديث بمثل إسناده وهو عندي صحيح؛ لأنَّ العلماء تلقَّوه بالقبول له والعمل به ولا يخالف في جملته أحد من الفقهاء)) (التمهيد ١٦/ ٢١٧ -