الوضوءُ العرفيُّ، وأنه واجبٌ، واستحبه أحمدُ وغيرُهُ.
وذهبَ الفقهاءُ وأكثرُ أهلِ العلمِ إلى أنه غسلُ الفرجِ فقط؛ مبالغة في النظافة، واجتنابًا لاستدخال النجاسة، ويستدل على ذلك بأمرين:
أحدهما: أنه قد روى هذا الحديث ليث بن أبي سليم من حديث عمر رضي الله عنه، وقال فيه:«فَلْيَغْسِلْ فَرْجَهُ» مكان: «فَلْيَتَوَضَّأْ بَينَهُمَا وُضُوءًا».
وثانيهما: أن الوطءَ ليس من قبيل ما شُرع له الوضوء، فإنه بأصل مشروعيته لِلقُرَب والعبادات، والوطءُ بابه الملاذ والشهوات، وهو من جنس المباحات، ولو كان ذلك مشروعًا لأجل الوطء لشُرع في الوطء المبتدأ؛ فإنه من نوع المعاد، وإنما ذلك لما يتلطخ به الذكر من نجاسة ماء الفرج والمني؛ فإنه مما يُكره ويُستثقل عادة وشرعًا، والله تعالى أعلم" (المفهم ١/ ٥٦٦).
قال الطيبيُّ: "قوله: ((توضَّأ وُضوءًا)) إنما أتى بالمصدرِ تأكيدًا؛ لئلا يُتوهم أن المرادَ بالوضوءِ غير المتعارف، كما في الأصلِ، وهذا يعضده الحديثُ السابقُ:((تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ)) " (شرح المشكاة ٣/ ٨١٧).
وقال الصنعانيُّ: " «فَلْيَتَوَضَّأْ بَينَهُمَا وُضُوءًا» كأنه أكده؛ لأنه قد يطلق على غسل بعض الأعضاء، فأبان بالتأكيد أنه أراد به الشرعي، وقد ورد في روايةِ ابنِ خُزيمةَ والبيهقيِّ:«وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» رواه مسلم" (سبل السلام ١/ ١٣٠).
وقال المباركفوريُّ: " «فَلْيَتَوَضَّأْ بَينَهُمَا»: أي: بين الإتيانين «وُضُوءًا» أي: كوُضوءِ الصلاة. وحَمَله بعضُ أهلِ العلمِ على الوضوءِ اللغويِّ، وقال: المرادُ به غسل الفرج. ورَدَّ عليه ابنُ خُزيمةَ بما رواه في هذا الحديثِ فقال:«فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ» " (تحفة الأحوذي ١/ ٣٦٨).