ففي هذه السياقة أنه (غَسَلَ)، وفي سياقة أبي نعيم عن أبي الشيخ:(فَمَسَحَ)!
وفي هذه السياقة اقتصرَ على ذِكرِ الوجهِ والكفينِ، ولم يذكرِ الذراعين، وزادهما في سياقة أبي نُعيمٍ!
وفي هذه السياقةِ جعلَ النفخَ بعدَ الوُضوءِ وصلاة القيام وقبل صلاة الفجر، أي أنه لم يُعِدِ الوضوءَ، وهذا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم خاصة، لأنه صلى الله عليه وسلم تنام عيناه، ولا ينام قلبه، قاله ابن عيينة. وفي سياقة أبي نعيم جعل النفخ قبل الوضوء وصلاة القيام، فضاعت فائدة ذكره!
ولا شَكَّ أن المحفوظَ هو روايةُ الكوسجِ وابنِ السنديِّ عن النضرِ، فقد تابع النضرَ عليه جماعةٌ منَ الثقاتِ من أصحاب شعبة، منهم: غندر، والقطان، والطيالسي. وهكذا رواه الثوري عن سلمة بن كهيل كما سبقَ، وكفى ببعض ذلك دلالة على الوهم في رواية أبي نعيم، والحمل فيها على إبراهيم شيخِ ابنِ حَيَّانَ. ومتابعة الطوسي له إنما هي على أصل الحديث كما بَيَّنَّاهُ، وإلا فعلى فرض أنهما قد حفظاه عن أحمد بن منصور عن النضر هكذا، فهي رواية شاذة. وأحمد بن منصور وإن كان ثقةً كما في (السير ١٢/ ٣٨٨)، فالكوسجُ أوثقُ منه، وقد تابعه ثقةٌ آخرُ، وهو ابن رجاء السندي، وتوبع شيخهما النضر من عامة أصحاب شعبة بمثل روايتهما، وتوبع شعبة من الثوري، وحسبك به، والله أعلم.
فأما ما رواه الطبرانيُّ في (الكبير ١٢١٩١) عن معاذ بن المثنى، ثنا مسدد، ثنا يحيى بن سعيد، عن شعبة، حدثني سلمة بن كهيل، حدثني بكير الطائي، عن كريب، فلقيت كريبًا فحدثني، عن ابن عباس، به بنحو رواية غندر ومن تابعه إلا أنه قال فيه:«فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ»، فهذا لا يعضد ذكر الذراعين في