الحافظُ:"ويُؤيدُ أن الأمرَ فيه للندبِ ما روى الخطيبُ في ترجمة (محمد بن عبد الله المخرمي) من طريق عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قال لي أبي: كتبتَ حديثَ عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: «كُنَّا نُغَسِّلُ المَيِّتَ فَمِنَّا مَنْ يَغْتَسِلُ وَمِنَّا مَنْ لَا يَغْتَسِلُ»؟ قال: قلتُ: لا. قال: في ذلك الجانبِ شابٌّ يقال له: محمد بن عبد الله يُحَدِّثُ به عن أبي هشام المخزومي عن وهيب فاكتبْهُ عنه. قلتُ: وهذا إسنادٌ صحيحٌ، وهو أحسنُ ما جُمِع به بين مختلف هذه الأحاديث. والله أعلم"(التلخيص ١٨٢).
قال الخطابيُّ:"لا أعلمُ أحدًا منَ الفقهاءِ يوجبُ الاغتسال من غسل الميت ولا الوضوء من حمله، ويشبه أن يكون الأمر في ذلك على الاستحباب، وقد يحتمل أن يكونَ المعنى فيه أن غاسل الميت لا يكادُ يأمن أن يصيبه نضح من رشاشِ الغسول وربما كان على بدنِ الميتِ نجاسةٌ فإذا أصابه نضحه وهو لا يعلمُ مكانه، كان عليه غسل جميع البدن ليكون الماء قد أتى على الموضع الذي أصابه النجس من بدنه. وقد قيل: معنى قوله: (فليتوضأ) أي: ليكن على وضوء ليتهيأ له الصلاة على الميت. والله أعلم. وفي إسنادِ الحديثِ مقالٌ"(معالم السنن ١/ ٣٠٧).
وقال ابنُ المنذرِ:"قد أجمعَ أهلُ العلمِ على أن رجلًا لو مَسَّ جيفة، أو دمًا، أو خنزيرًا ميتًا- أن الوضوءَ غيرُ واجبٍ عليه، فالمسلمُ الميت أحرى أن لا يكون على من مَسَّهُ طهارة، والله أعلم"(الأوسط ٥/ ٣٧٥).
وقال ابنُ عبدِ البرِّ:"لا تجبُ طهارة على مَن لم يوجبها الله عليه في كتابه ولا أوجبها رسوله من وجه يشهد به عليه ولا اتفق العلماء على إيجابها، والوضوء المجتمع عليه لا يجب أن يقضى إلا من هذه الوجوه أو أحدها"(الاستذكار ٨/ ٢٠٢)