واختلفوا فيمن ترك ذلك ناسيًا أو عامدًا؛ فكان أحمدُ بنُ حَنبَلٍ يذهبُ إلى أن من تركَ الاستنثار في الوضوء ناسيًا أو عامدًا أعادَ الوضوءَ والصلاةَ، وبه قال أبو ثَوْرٍ وأبو عُبَيدٍ في الاستنثارِ خاصَّة، وهو قول داودَ في الاستنثارِ خاصَّةً أيضًا.
وكان أبو حنيفةَ والثَّوْريُّ وأصحابهما يذهبون إلى إيجابِ المضمضةِ والاستنشاقِ في الجنابةِ دونَ الوضوءِ.
وكانت طائفة توجبهما في الوضوء والجنابة ... وأما مالكٌ والشافعيُّ والأَوْزَاعيُّ وأكثرُ أهلِ العلمِ فإنهم ذهبوا إلى أن لا فرضَ في الوضوءِ واجب إلا ما ذكره الله عز وجل في القرآنِ؛ وذلك غَسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح الرأس وغسل الرجلين" (التمهيد ١٨/ ٢٢٥).
قال مسلمٌ: حدثني محمدُ بنُ رافعٍ، حدثنا عبدُ الرَّزَّاقِ بنُ هَمَّامٍ، أخبرنا مَعْمَرٌ، عن هَمَّامِ بنِ مُنَبِّهٍ: هذا ما حدَّثنا أبو هريرةَ، عن محمدٍ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فذكرَ أحاديثَ منها هذا الحديث.
(١) وقع عنده: (في فيه) بدلًا من: (فِي أَنفه)، وما نظنها إلا تحريفًا. والله أعلم.