الوجه الأول: أن سُلَيمان بن حرب كان ثقة إمامًا حافظًا، وكان من أكثر الناس ملازمةً لحماد بن زيد؛ فقد قال:"واختَلَفت إلى شُعبةَ، فلما مات شُعبةُ جالستُ حماد بن زيد ولزِمْتُه حتى مات، جالسته تسعَ عشرةَ سنةً، جالسته سنة ستين ومات سنة تسع وسبعين ومئة"(تهذيب الكمال ١١/ ٣٨٨).
وقد جزم بأن مَن رفَعَه فقد أخطأ، وهذا يدل على أن عنده زيادةَ علم وضبط، ويؤيده:
الوجه الثاني: أن قُتَيْبة وغيرَه ذكروا أن حمادًا كان يَشُك فيه.
الوجه الثالث: أن بعض مَن رفع الحديث لم يصرح بإسناد الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكروا وُضوءَ النبي صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قالوا:«وَقَالَ: الأُذُنَانِ مِنَ الرَّأْسِ». فروايتهم ليست صريحةً في الرفع، بل تحتمل الرفع والوقف.
ولأجْلِ هذه العللِ السابقة، أَعَلَّ الحديثَ غيرُ وَاحدٍ من أهلِ العلمِ:
فقال حرب بن إسماعيل الكرماني: قلت لأحمدَ: الأذنان من الرأس؟ قال:«نعم». قلت:[صح] فيه شيءٌ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال:«لا أعلم». قلت: يُروَى عن أبي أُمامة؟ قال:"نعم، رواه حماد بن زيد"(مسائل حرب - كتاب طهارة ص ١٢٩)، وما بين المعقوفين سقط من المطبوع، واستدركناه من (تنقيح التحقيق لابن عبدِ الهادِي ١/ ٢٠٥). فأحمد مع عِلْمِه بحديث أبي أُمامةَ، لا يعلم في الباب حديثًا صحيحًا.
وقال التِّرْمِذيُّ عَقِبَه:"هذا حديث ليس إسنادُه بذاك القائم"(١).
(١) - وقع في طبعة شاكر (١/ ٥٣)، وطبعة المكنز (١/ ١٤): "حَدِيثٌ حَسَنٌ، لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِذَاكَ الْقَائِمِ"، وما أثبتناه هو الصواب كما في طبعة التأصيل المعتمدة، وطبعة بشار (١/ ٨٧)، وطبعة شُعَيب (١/ ٥٤)، وطبعة الألباني (١/ ٤١)، وطبعة بيت الأفكار (١/ ٢٤)، وغيرها. وكذا نقله عن التِّرْمِذيِّ غيرُ واحد، انظر (الإمام لابن دقيق ١/ ٤٤٩)، و (تحفة الأشراف ٤/ ١٧١)، و (نَصْب الراية ١/ ١٨)، و (جامع المسانيد ٨/ ٥٤٨)، و (الدراية ١/ ٢١).