الحديث بالضعف غيرُ مُسَلَّم، وإن كان الحديث وقع له ثمانيًّا فقد وقع لنا تساعيًّا" اهـ.
قلنا: وهذا الذي ذكره خلاف ما عليه أئمة الحديث، فإن مجرد رواية العالم عن راوٍ لا تُوثِّقه، نعم ربما ترفع عنه جهالةَ العين، ولكن لا تُرفع عنه جهالةُ الحال إلا بتوثيقٍ معتبَر، ولا يوجد هنا.
وأما عُمر بن أبان؛ فلا يصح أنَّ ابنَ حِبَّانَ وَثَّقَهُ، وإنْ صَحَّ فلا يُعتمَد؛ لِما عُرِفَ عنه من توثيق المجاهيل، وهذا ما عليه المحقِّقون من أهلِ العلمِ، كما تقدم بيانُه في غير ما موضع.
وقولُه في الإمام الذَّهَبيُّ - رحمه الله - قولٌ غير سديد، ولم يتابِعْه عليه أحد، بل الذَّهَبيُّ أحد أئمة هذا الشأن، معتدِلٌ مُنصِف، لا يُعرَفُ عنه تسرُّعٌ في التجريح.
وأقوال العلماء في الثناء على الذَّهَبيُّ كثيرة، وفي بيان إمامته في هذا العلم غزيرة، أكتفي منها بما بقول تاج الدِّين السُّبْكيُّ؛ قال: "أستاذنا أبو عبد الله الذَّهَبيُّ فنضير لا نظير له، وكبير هو الملجأ إذا نزلت المعضلة، إمام الوجود حِفْظًا، وذهب العصر معنًى ولفظًا، وشيخ الجرح والتعديل، ورجل الرجال في كل سبيل، كأنما جُمعت له الأُمَّةُ في صعيد واحد فنظرها ثُمَّ أخذ يخبر عنها إخبارَ مَن حضرها، وكان محطَّ رحالٍ تعنَّت، ومنتهى رغبات مَن تعنَّت، تُعمل المَطِيُّ إلى جواره، وتُضرَب البُزْلُ المهاري أكبادَها فلا تَبْرَح أو تقيل نحو داره" (معجم الشيوخ للسبكي ص: ٣٥٤).
وقال السُّيوطيُّ: "إن المحدِّثين عِيالٌ الآن في الرجال وغيرها من فنون الحديث على أربعة: المِزِّيّ، والذَّهَبيُّ، والعِراقيُّ، وابنُ حَجَرٍ" (طبقات