للتأويل، فلا يُترَك المتيقن للمحتمل. قال: وقياسه على مسح الخف بعيد؛ لأنه يشُقُّ نزْعُه بخلافها. وتُعُقِّبَ بأن الذين أجازوا الاقتصار على مسح العمامة شرطوا فيه المشقةَ في نزعها كما في الخف، وطريقُه أن تكون مُحنَّكة كعمائم العرب، وقالوا: عضو يَسقُطُ فرْضُه في التيمم، فجاز المسح على حائله كالقدمين، وقالوا: الآية لا تنفي ذلك، ولا سيما عند من يحمل المشترك على حقيقته ومجازه؛ لأن من قال: قبَّلْتُ رأس فلان، يصدق ولو كان على حائل. وإلى هذا ذهب الأَوْزَاعيُّ، والثَّوْريُّ في روايةٍ عنه، وأحمدُ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، والطَّبَريُّ، وابنُ خُزَيْمةَ، وابنُ المُنْذِرِ، وغيرُهُم. وقال ابنُ المُنْذِرِ: ثبت ذلك عن أبي بكر وعمر، وقد صح أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال:«إِنْ يُطِعِ النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ يَرْشُدُوا»، والله أعلم" (الفتح ١/ ٣٠٨، ٣٠٩).
وأَغرَب ابنُ قُتَيْبة فقال: " المسح على العمامة والخِمار، قد أجمع الفقهاءُ على ترْكِه، ولم يُجمعوا على ذلك - مع مجيئه من الطريق المرتَضَى عندهم - إلا لنَسْخٍ، أو لأنه رُئِيَ يَمسح على العمامة، وعلى الرأس تحت العمامة.
فنَقَل الناقلُ أَغْرَبَ الخبرين؛ لأن المسح على الرأس لا يُنكَر ولا يستغرب؛ إذ كان الناس جميعًا عليه، وإنما يُستغرَب الخِمار.
واستشهدوا على ذلك بحديثٍ آخَرَ للمغيرة، رواه الوليد بن مسلم، عن ثور، عن رجاء بن حَيْوةَ، عن وَرَّاد، عن المُغيرة:((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعِمَامَتِهِ)).
والمسح بالناصية فرْضٌ في الكتاب، فلا يزول بحديثٍ مختلَفٍ في لفظه" (تأويل مختلف الحديث ص: ٣٨١ - ٣٨٢).