وأمَّا حديثُ ابنِ عُمرَ، فقد سبقَ أن طريقيه ساقطان، لا يُعتدُّ بهما، ولم يذكروا له بنحو هذا اللفظ سوى شاهدين:
الأول: ما نقله الشَّوْكانيُّ في (النيل ١/ ٢٠٧) من أمالي أحمد بن عيسى وغيرِها بلفظ: «مَنْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ سَالِفَتَيْهِ وَقَفَاهُ، أَمِنَ مِنَ الْغَلِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
وفي سندِهِ كما ذكر الشَّوْكانيُّ نفْسُه: الحُسين بن عُلْوان، عن أبي خالد الواسطي، وسكت عنهما، وكلٌّ منهما كذَّابٌ وضَّاعٌ! ! ! .
ثُمَّ ذكره الشَّوْكانيُّ من طريقٍ آخَرَ موقوفٍ على عليٍّ رضي الله عنه، وفي سندِهِ كذابٌ أيضًا كما في (البدر المنير ٢/ ٢٧٥)، ومع ذلك قال الشَّوْكانيُّ محتجًّا بروايات الكذابين:"وبجميع هذا تعلم أن قول النَّوَويُّ: (مسْحُ الرقبةِ بدعةٌ، وأن حديثَهُ موضوعٌ)، مجازفةٌ"! ! .
والثاني: أثر موسى بنِ طلحةَ الذي رواه أبو عُبَيدٍ في (الطهور ٣٦٨) عن عليِّ بن ثابت وعبد الرحمن بن مَهْديٍّ، عن المَسْعوديِّ، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن موسى بن طلحة قال:«مَنْ مَسَحَ قَفَاهُ مَعَ رَأْسِهِ، وُقِيَ الْغَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».
ثُمَّ رواه (٣٦٩) عن حَجَّاج الأعور، عن المَسْعوديِّ، عن القاسم بن عبد الرحمن، أنه قال مِثْلَ ذلك، قال حَجَّاج:"ولا أحفظ عنه موسى بن طلحة".
وهذا الاختلاف من المَسْعُوديِّ؛ فإنه كان قد اختلط، وابنُ مَهْديٍّ وحَجَّاجٌ سمِعَا منه بعد الاختلاط، والظاهر أنَّ عليًّا مِثْلُهما؛ إذ بل لا يُعرَفُ في أصحاب المسعودي أصلًا.
وعليه؛ فهو أثر ضعيف، وليس في متنِهِ ذِكْرٌ لمسح العنق أو الرقبة، وإنما مسح القفا مع الرأس! ! ، ثُمَّ هو مع ذلك كلِّه من قول القاسم أو موسى! ! .