للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بمفرده أوثق من أبي جعفرٍ الخطميِّ، فكيفَ يُنسبُ الخطأُ لإمامٍ كبيرٍ كشعبةَ، ولا يُحملُ فيه على أبي جعفرٍ.

فالحكمُ باضطرَابِهِ فيه أَوْلى من تخطئة إمامين ثقتين معًا، لاسيما وأبو جعفرٍ يختلفُ عليه الثقاتُ كثيرًا، ولعلَّ هذا هو سببُ إعراضِ الشيخين عن التخريجِ له. وإليك بعض الأمثلة التي تؤيد ما قلناه:

١ - فقد روى شعبةُ عن أبي جعفرٍ الخطميِّ، قال: سمعتُ عمارةَ بنَ عثمانَ بنِ حنيفٍ يُحَدِّثُ عن خُزَيمةَ بنِ ثابتٍ: ((أَنَّهُ رَأَى فِي المَنَامِ أَنَّهُ يُقَبِّلُ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ، فَنَاوَلَهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ)).

بينما رواه حمادُ بنُ سلمةَ عن أبي جعفرٍ، عن عمارةَ بنِ خزيمةَ بنِ ثابتٍ، أن أباه قال: ((رَأَيْتُ فِي المَنَامِ كَأَنِّي أَسْجُدُ عَلَى جَبْهَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، الحديث، وفيه أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَهُ يَسْجُدُ على جَبْهَتِهِ! )).

أخرجه أحمدُ من الوجهينِ في (المسند ٢١٨٦٣، ٢١٨٦٤)، وأعلَّه محققوه بالاضطرابِ.

ويلاحظُ أنَّ هذا اختلافٌ في المتنِ! وفي السندِ! وعلى نفسِ الرجلِ الذي اختلفا عليه في حديثِ الوضوءِ! ولو رجَّحت روايةَ شعبةَ هنا لكونِهِ أحفظ وأثبت من حمادٍ، فيكون في هذا إبطالٌ للعلةِ التي يمكنُ التَّمَسُّكُ بِهَا في تخطئةِ شعبةَ في حديثِ القيسيِّ!

٢ - في حديثِ الرجلِ الضريرِ الذي سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أن يعَافيه، فَعَلَّمَهُ أَنْ يَقُولَ: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ ... )) الحديث، نجد أنه: قد رواه شعبةُ وحمادُ بنُ سلمةَ، عن أبي جعفرٍ، عن عمارةَ بنِ خُزيمةَ بنِ ثابتٍ، عن عثمانَ بنِ حنيفٍ به.