للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إلَّا أنَّ ابنَ حَجرٍ تَعَقَّبَ البغويَّ بقولِهِ: "وفيه نظر، فقد أخرجَ لَهُ ابنُ منده حديثين آخرين: أحدهما في الشَّكِّ في الحَدثِ" (الإصابة ٢/ ١٤ - ١٥)

قلنا: الحديثُ الأولُ الذي عَنَاهُ حديث الشَّكِّ في الصلاةِ. أخرجه ابنُ منده من طريقِ ابنِ لهيعةَ (معرفة الصحابة ١/ ٣٢٣)، ولا شَكَّ أن هذا وهمٌ من ابنِ لهيعةَ كما أقرَّ بذلك الحافظُ نفسُه في (الإصابة ٢/ ١٥).

الحديثُ الثاني أخرجه ابنُ منده في (معرفة الصحابة، صـ ٣٢٣) من طريقِ ابنِ شهابٍ، عن عبادِ بنِ تميمٍ، عن أبيه وعمِّه: ((أنَّهما رَأَيَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُضْطَجِعًا على ظَهْرِهِ، رَافِعًا إِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الأُخْرَى)).

وهذا الخبرُ معروفٌ من روايةِ عبادٍ عن عمِّه أيضًا، قاله الحافظُ، ثم أتبعه بقوله: "لكن لا مانعَ أن يرويه عبادٌ عنهما معًا، وقد أخرجه الباوَرْديُّ من طريقِ أبي بكرٍ الهذليِّ عنِ الزهريِّ، فقال: عن عبادٍ، عن أبيه، أو عمِّه -على الشَّكِّ- والله أعلم" (الإصابة ٢/ ١٥).

قلنا: والهذليُّ هذا متروكٌ، فلا عبرةَ بروايته، والمعتمدُ روايته عن عمِّه.

فبقيتْ غرابةُ السندِ، بالإضافةِ إلى مخالفةِ ظاهرِ المتنِ لما هو محفوظٌ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم من وجوهٍ بلغتْ مبلغَ التواترِ، من أنَّه كانَ يغسلُ قَدَمَيهِ في الوضوءِ، وعليه إجماعُ المسلمينَ.

ولذا فقد رَدَّهُ عبدُ الحَقِّ الإشبيليُّ بقوله: "وقد وَرَدَ من الطرقِ الصحاحِ عن عبدِ اللهِ بنِ زيدٍ وغيرِهِ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَغْسِلُ رِجْلَيْهِ" (الأحكام الوسطى ١/ ١٧٦).

ثُمَّ ذَكَرَ رَدَّ ابنِ عبدِ البرِّ حديث عبادٍ عن أبيه بقوله: "هو حديثٌ ضعيفُ الإسنادِ لا تقومُ به حجةٌ" (الاستيعاب ١/ ١٩٥).