وقد روى هذا الحديثَ ابنُ عيينةَ وغيرُهُ عَنِ ابنِ عَقِيلٍ، عن جابرِ بنِ عبدِ اللهِ، أنه قال:((أَتَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنَ الأَنْصَارِ، فَرَشَّتْ لَهُ صورًا لَهَا، وَذَبَحَتْ لَهُ شَاةً، فَأَكَلَ مِنْهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ جَاءَتْ صَلَاةُ الظُّهْرِ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ. ثُمَّ أُوتِيَ بِعُلَالَةِ الشَّاةِ فَأَكَلَ مِنْهَا، ثُمَّ قَامَ إِلَى العَصْرِ فَصَلَّى، وَلَمْ يَتَوَضَّأْ)).
وهكذا رواه ابنُ المنكدرِ وغيرُهُ عن جابرٍ من حديثِهِ، ولم يسموا المرأة. وقد سبقَ تخريجُه.
فذِكْر الرُّبَيِّع فيه غير محفوظ، والمحفوظُ أنه من حديثِ جابرٍ، وأنه ذَكَر أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم توضَّأَ في الأُولى ولم يتوضَّأْ في الثانيةِ.
وقد أشارَ يوسفُ بنُ عَديٍّ إلى نكارةِ هذا الخبرِ إن صَحَّ النقل عنه، فقد قال ابنُ رشدين: قال لي يوسفُ: كذا قال محمد بن عتبة: "عن جابرٍ عن الرُّبَيِّعِ"!
قلنا: محمد بن عتبة الرقيُّ قال فيه أبو زرعة: "لا بأسَ به"(الجرح والتعديل ٨/ ٥١)، ويوسف ثقة من شيوخ البخاري. فإن لم يكن الوهم فيه من ابن رشدين نفسه وقد بينا حاله، فهو من اضطرابِ ابنِ عَقيلٍ، فإنه سيئُ الحفظِ.
وقد سبق ضمن روايات حديث جابر أن زائدةَ وغيرَهُ رووه عن ابنِ عَقيلٍ، وذَكَر في متنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يَتَوَضَّأْ في المرَّتينِ بعدَ الطَّعَامِ كما هنا.
بينما رواه ابنُ إسحاقَ، وابنُ عيينةَ، عن ابنِ عَقيلٍ، وذَكَرَ أنَّهُ تَوَضَّأَ في الأُولى ولم يَتَوَضَّأْ في الثانية، وهو المحفوظُ كما ذكرنا.